القصب، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفؤا ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط في صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يبدر من لقيه بالسلام.
قال: فقلت: فصف لي منطقه؟
فقال: كان (صلى الله عليه وآله) متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير، دمثا [لينا]، ليس بالجافي ولا بالمهين، تعظم عنده النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا، غير أنه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام.
إلى هاهنا رواه أبو القاسم بن منيع، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، والباقي رواية عبد الرحمن إلى آخره.
قال الحسن صلوات الله عليه: وكتمتها الحسين (عليه السلام) زمانا ثم حدثته به، فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سأله عنه، فوجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي (صلى الله عليه وآله) ومخرجه ومجلسه وشكله، فلم يدع منه شيئا.
قال الحسين (عليه السلام): سألت أبي (عليه السلام) عن مدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، وجزء لأهله، وجزء لنفسه. ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس،