ثم صاح الحسين (عليه السلام) بعمر بن سعد: ما لك؟ قطع الله رحمك! ولا بارك لك في أمرك، وسلط عليك من يذبحك على فراشك كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ثم رفع الحسين (عليه السلام) صوته وقرأ: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العلمين * ذرية بعضها منم بعض والله سميع عليم). (1) ثم حمل علي بن الحسين، وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي والله! لا يحكم فينا ابن الدعي * أطعنكم بالرمح حتى ينثني أضربكم بالسيف حتى يلتوي * ضرب غلام هاشمي علوي فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم، حتى روي انه على عطشه قتل مائة وعشرين رجلا، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال:
يا أبت! العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوى بها على الأعداء؟
فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: يا بني! عز على محمد وعلى علي وعلى أبيك، أن تدعوهم فلا يجيبونك، وتستغيث بهم فلا يغيثونك، يا بني! هات لسانك.
فأخذ لسانه، فمصه، ودفع إليه خاتمه وقال له: خذ هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدوك، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى، شربة لا تظمأ بعدها أبدا. (2)