يا أخي! أتاك القوم، فنهض الحسين (عليه السلام)، ثم قال:
يا عباس! اركب بنفسي أنت - يا أخي! - حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم؟
فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين، وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس (عليه السلام): ما بدا لكم؟ وما تريدون؟
قالوا: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم.
قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم.
فوقفوا ثم قالوا: ألقه فأعلمه ذلك، ثم القنا بما يقول.
فانصرف العباس (عليه السلام) راجعا يركض إلى الحسين (عليه السلام) يخبره بالخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم...
وحين أتى العباس بن علي حسينا (عليهما السلام) بما عرض عليه عمر بن سعد، قال له الحسين (عليه السلام): (1) ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عنا العشية، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار. (2) وأقبل العباس بن علي (عليه السلام) يركض فرسه حتى انتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء! إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الأمر، فإن هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله، فإما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه، أو كرهنا فرددناه.