الخامس: أن من الواضح على من له أدنى إلمام بالسيرة النبوية أن بعوثه ورسله وكتبه للدعوة إلى الإسلام كانت بالمدينة سنة سبع أو قبيلها أو بعيدها إلى أن قبضه الله إليه، ولا نجد قبل ذلك ولا سيما في مكة من البعوث وإرسال الكتب والرسل أثرا في التأريخ.
وما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري 8: 73: " وذكر ابن إسحاق أنهم وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة وهم حينئذ عشرون رجلا، لكن أعاد ذكرهم في الوفود بالمدنية فكأنهم قدموا مرتين " تأويل لكلام ابن إسحاق لاحتمال أنهم وفدوا بمكة، كما أنهم ذكروا مجئ بعض إليه (صلى الله عليه وآله) بمكة، وهو لا يصحح كتابه (صلى الله عليه وآله) ولا يرفع الإشكالات.
هذا كله مع ما في الكتاب على رواية صبح الأعشى 6: 365 عن صاحب الهدى المحمدي " بسم الله الرحمن الرحيم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب.. " وكذا في " مآثر الإنافة " 3: 237 من ذكر بسم الله الرحمن الرحيم.
نجران بفتح النون وسكون الجيم بلا لام (كذا في التاج) موضع باليمن يعد من مخاليف مكة، فتح سنة عشر من الهجرة على القرب من صنعاء، وهي بين عدن وحضرموت، وقال دحلان في السيرة: " نجران بلدة كبيرة واسعة على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، تشتمل على ثلاث وسبعين قرية، وفي خريطة المملكة العربية السعودية الآن تقع نجران في بلادها قريبا من اليمن قريبا من بلاد همدان " (1). وكعبة نجران هذه يقال لبيعة بناها بنو عبد المدان بن الديان الحارثي على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة وسموها كعبة نجران، وكان فيها أساقفة معتمون (2)، وهم الذين جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ودعاهم إلى المباهلة.