شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين - ابن ميثم البحراني - الصفحة ٢٦٢
حدثني ربيعة بن سالم الهمذاني قال: لما كان اليوم الذي قتل فيه عمار بن ياسر رحمه الله وكان ابتداؤنا من صفين حربا وطعنا فوقفت وأشرفت على الناس وقد تزحزحوا عن مقاماتهم يتكفؤن تكفؤ السفينة بأهلها فمن بين متقدم لقتال ومتأخر عن (1) كلال، والامر في غاية العسر والناس في نهاية الحال من العطش وقد أخذ العدو الماء ووطئ (2) الموارد وقد مدت الخيل أعناقها ولجمها وعضت (3) على الشكائم وقهقرت (4) على أكفالها وتداعى الناس بآبائهم، واعتزوا إلى أنسابهم، والنساء على المطايا خلال الصفوف يحرضن (5) الرجال على القتال والناس قد عاينوا الثواب واستيقنوا المآب فعند ذلك اتكأت على رمحي وقلبت وجهي وأرجعت (6) طرفي إلى السماء وقلت في نفسي: يا رب هذا أخو نبيك ووصيه، وأحب الخلق إليه وأنصرهم له، وأعلمهم بالدين وأهداهم للحق المبين، وقد ترى ما ترى: ولك (7) الخلق والامر تصيب برحمتك من تشاء (8) وقد ضعفت عن حمل ذلك فأبح (9) اللهم لي ما تثبت به قلبي وتذهب به نزع الشيطان (10) الرجيم قال ربيعة:
فلم أستتم الدعاء وإذا انا بمقرعة بين كتفي، فالتفت فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام وهو

(1) - ب د: " من ".
(2) - ا ج د: " حط " فكأن كلمة المتن من " وطئ كعلم) ارض العدو اي دخلها ".
(3) - ج: " غطت " (بالغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة) د: " عطت " (بالعين المهملة وتشديد الطاء المهملة).
(4) - أب: " قهقر " ج د: " تقهقرت " وقهقر وتقهقهر بمعنى، يقال: " قهقر الرجل وتقهقر = رجع إلى خلف، الرجل يقهقر في مشيته وذلك إذا تراجع على قفاه ".
(5) - ا: " عرض " ب: " يحرض " ج د: " يخوض ".
(6) - ج د: رجعت " وهما بمعنى، من قولهم: " رجع (كضرب) إليه رجعا ومرجعا (بفتح الجيم وكسرها) صرفه ورده، لازم متعد) ومن معاني أرجعه أيضا رده وصرفه.
(7) - ا: " فلله " ب: " ولله ".
(8) - أب: يصيب برحمته من يشاء ".
(9) - كأنه من قولهم: " أباحه سرا فباح به بوحا أي أبثه إياه فلم يكتمه ".
(10) - نزغ الشيطان وساوسه ونخسه في القلب بما يسول للانسان من المعاصي من قولهم: " نزغه الشيطان إلى المعاصي اي حثه وأغراه ".
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 » »»
الفهرست