ومعلوم أنه مع إمكان رفع الشك بالاطلاقات لا يبقي مجال للرجوع إلى الأصول العملية، لحكومة الأصول اللفظية عليها.
أما التكلم من جهة الأولى:
فنقول: إنه فرع أن يكون هناك إطلاق في البين وهو متفرع على أن يكون الرضاع الموجود في الأدلة العامة هو ما يكون عند العرف رضاعا، وإلا لو كان معنى شرعيا - استعمل لفظة (الرضاع) فيه مجازا أو بوضع آخر - فلا يمكن التمسك بالاطلاق اللفظي، لان العرف لا طريق له إلا بيان الشارع في فهم مراده، فإذا شككنا في اشتراط الرضاع بشرط أو تقيده بقيد في الشبهة المفهومية فليس إطلاق في البين حتى يرفع هذا الشك.
نعم لا بأس بالتمسك بالاطلاق المقامي وهو أن الشارع بصدد بيان تمام ما له دخل في حكمه أي الحرمة في هذا المقام فلو كان شئ آخر غير المذكورات له دخل كان عليه البيان.
وقد بينا نظير ذلك في الأصول في باب الصحيح والأعم بالنسبة إلى لفظة (الصلاة) بناء على وضعه للصحيح.
وأما الشبهة المصداقية فلا يمكن التمسك لرفعها بالاطلاق على كل حال سواء أكان لفظة (الرضاع) المستعمل في الأدلة بمعناه العرفي أم لا، لأنه من قبيل التمسك بالعام لما هو مشكوك المصداقية له، وهذا من قبيل إثبات الموضوع بالحكم وهو غير معقول.
والظاهر: أن لفظ (الرضاع) في الروايات العامة لم يستعمل إلا فيما هو المراد منه عند العرف، غاية الأمر أن الشارع جعله موضوعا لحرمة النكاح مقيدا بقيود.
وذلك من جهة أن الرضاع في اللغة ولو كان بمعنى مطلق الامتصاص أو الشرب ولو كان مرة ومقدارا قليلا من اللبن، ولكن المتفاهم العرفي منه لا يبعد أن يكون