فإخبار القائف بصحة نسب أسامة كان موجبا لارتداع القادحين عن قدحهم وطعنهم، ولذلك سر النبي صلى الله عليه وآله لحبه زيدا وولده أسامة.
وأما وجه سواد أسامة فهو من ناحية أمه أم أيمن، فإنها كانت امرأة حبشية تزوجها زيد بعد زوجها الأول، وهو عبيد بن زيد من بني الحارث بن خزرج، وكانت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وآله، وورثها من أبيه مع خمس جمال وقطيعة من غنم، فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال صلى الله عليه وآله: (من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن، فتزوجها زيد ابن حارثة، فولدت له أسامة بن زيد (1)، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب أسامة حبا شديدا، وقد صرح بذلك حين أمره على الجيش المعروف بجيش أسامة.
ومن جملة الظنون التي لا تقاوم هذا الامارة المعتبرة، الأمارات الظنية غير المعتبرة شرعا ولكن العرف يعتمدون عليها من قبيل تحليل الدم وأمثاله الشائعة في هذه الأعصار عند الأطباء، ولكن كل ما ذكرنا من عدم مقاومتها لهذه الامارة المعتبرة يكون فيما إذا يوجب الظن.
وأما إذا أوجب القطع بان الولد لغير صاحب الفراش، فلا يبقى مجال لاجراء هذه القاعدة، لأنها أمارة عند الشك.
ومما ذكرنا ظهر أن نفي النسب عن الزاني أو عن غيره ممن هو ليس بصاحب الفراش في صورة إمكان الانتساب إلى صاحب الفراش.
وأما إذا لم يمكن - كما إذا كان الزوج في سفر طويل، أو كان غيبته عنها لسبب آخر كالسجن الطويل مثلا وأمثال ذلك - فلا تجرى هذه القاعدة، وبناء على هذا لو ولدت بعد الزواج بمدة أقل من أقل الحمل، أو ولدت بعد غياب الزوج بمدة أكثر من أكثر الحمل فلا يجوز الالحاق بهذه القاعدة.
هذا هو شرح الجملة الأولى من الحديث الشريف.