الامارات التي عندهم، ولا شك في أن قولهم يوجب الظن، ولكن الشارع لم يعتبره.
وأما سرور النبي صلى الله عليه وآله من قول القائف حينما رأى رجلي أسامة وزيد وعليهما قطيفة قد غطيا رؤسهما وبدت أقدامها، فقال: إن هذه الاقدام بعضها من بعض.
وقد روى هذا الحديث عن أم المؤمنين عائشة بعدة طرق، ومتن الحديث على ما رواه سفيان عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم مسرورا، فقال: (يا عائشة ألم ترى أن مجزز السلمي المدلجي دخل على فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفه قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الاقدام بعضها من بعض) (1) فلا يدل على حجية قول القائف واعتباره.
وذلك أن سروره صلى الله عليه وآله - على تقدير صحة الرواية - كان من جهة أن أسامة كان أسودا شديد السواد، وكان زيد أبيضا، وكانوا يقدحون في نسب أسامة ويطعنون من هذه الجهة، والنبي صلى الله عليه وآله كان يحب زيدا وكذلك أسامة، فلما أخبر القائف بصحة نسبه وأن زيدا أبوه فرح صلى الله عليه وآله بذلك.
ولا شك في أن الظن بوجود ما هو المطلوب والمحبوب يوجب السرور والفرح وإن لم يكن ذلك الظن حجة شرعا، فلو أخبر معلم كافر مشرك بأن ابنك فلان ذكي، سريع الفهم وفوق ذلك أنه مشغول جدا بالمطالعة والحفظ يسر الأب، وإن كان قول المعلم ليس حجة، لان قول المؤمن العادل الواحد ليس بحجة في الموضوعات فضلا عن قول الكافر المشرك.
هذا أولا.
وثانيا: في الجاهلية كانت العرب تعتبر قول القائفين، وكانوا يرتبون عليه الآثار،