الآخر، أو غير مجرى السيل منهما إلى مزرعته، فوقع التلف على فروشه وأثاث بيته أو على زرعه فلا يضمن، لأنه محسن في هذا الفعل.
ولا يخفى أن ما قلنا من عدم الضمان، يصح فيما إذا كان الضرر الذي يرد عليه أقل من الضرر الذي يدفع عنه إذا كان الذي يدفع عنه ماليا، لأنه لو كان أكثر بل ولو كان مساويا لا يعد هذا الفعل إحسانا إليه، بل إذا كان الضرر الذي يدفع عنه أقل من الضرر الذي يرد عليه يكون هذا إساءة لا إحسانا، وإذا كان مساويا يكون لغوا لا إحسانا، إلا أن يكون جهة أخرى غير المالية، فيخرج عن اللغوية، بل ربما يوجب صيرورته إحسانا وإن كان مساويا مع الضرر الذي يدفعه عنه من حيث المالية.
وكذلك الودعي لو أراد المسافرة التي لا يمكن له تركها، ولا يمكن له الوصول إلى مالك الوديعة كي يردها، فيجوز له دفنها في محل الامن إن لم يأمن - مع كونه ظاهرا بارزا - عن سرقته أو غصبه أو تلفه بشكل. فلو دفنه مع هذا الخوف، فوقع عليه التلف من باب الاتفاق فلا يضمن، لأنه محسن في هذا الفعل.
قال في الجواهر: كما أنه لو خشي المعالجة، أو خاف عليها من معاجلة السارق أو الظالم لم يضمن حينئذ بالدفن المراعى مقدار ما يتمكن منه من الحرزية والاعلام ونحوهما، لانحصار طريق حفظها حينئذ بذلك وكذا لو كان السفر ضروريا له، وخاف معاجلة الرفقة فدفنها مراعيا ما سمعت بعد تعذر ما وجب عليه من الرد على الوجه المزبور (1). انتهى كلامه.
والحاصل أن موارد تطبيق على قاعدة الاحسان في هذا القسم - أي: فيما إذا كان الاحسان باعتبار دفع الضرر عمن يحسن إليه - كثيرة لا يمكن في هذا المختصر استيفاؤها واستقصاؤها.
وأما موارد تطبيق هذه القاعدة في القسم الثاني، أي فيما إذا كان الاحسان باعتبار