لتحصل المكاسب، (وهي) ضربان. أحدهما (أن يشتركا) أي اثنان فأكثر (فيما يتقبلان بأبدانهما في ذممهما من العمل، فهي شركة صحيحة) روى أبو طالب: لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم، وليس لهم مال، مثل الصيادين والبقالين والحمالين. وقد أشرك النبي (ص) عمار وسعد وابن مسعود، فجاء سعد بأسيرين، ولم يجيئا بشئ. والحديث رواه أبو داود والأثرم. وكان ذلك في غزوة بدر. وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرك الله تعالى بين الغانمين. ولهذا نقل أن النبي (ص) قال: من أخذ شيئا فهو له. فكان ذلك من قبيل المباحات ولا يشترط لصحتها اتفاق الصنعة، فتصح. (ولو مع اختلاف الصنائع) كاشتراك حداد ونجار وخياط، لأنهم اشتركوا في مكسب مباح فصح، كما لو اتفقت الصنائع (وما يتقبله أحدهما من العمل يصير في ضمانهما يطالبان به، ويلزمهما عمله)، لأن مبنى هذه الشركة على الضمان. فكأنها تضمنت ضمان كل واحد منهما عن الآخر ما يلزمه. (ويلزم غير العارف منهما) بذلك العمل (أن يقيم مقامه) في العمل، ليحصل المقصود لكل من الشريكين والمستأجر. (ولو قال أحدهما: أنا أتقبل وأنت تعمل، صحت الشركة) جعلا لضمان المتقبل كالمال. (ولكل منهما المطالبة بالأجرة) لعمل تقبله وهو أو صاحبه. (وللمستأجر دفعها إلى كل) واحد (منهما، ويبرأ منها) أي الأجرة (الدافع) بالدفع لأحدهما، لأن كل واحد منهما كالوكيل عن الآخر. (وإن تلفت) الأجرة (في يد أحدهما من غير تفريط، فهي من ضمانهما) تضيع عليهما، لأن كل واحد منهما وكيل الآخر في المطالبة والقبض. (وما يتلف) من الأعيان أو الأجرة (بتعدي أحدهما أو تفريطه أو تحت يده، على وجه يوجب الضمان عليه) كمنع أو جحود، (فهو) أي التالف (عليه وحده) لانفراده بما يوجب الضمان.
(وإن أقر أحدهما بما في يده) من الأعيان (قبل) إقراره (عليه، وعلى شريكه) لأن اليد له فيقبل إقراره بما فيها، بخلاف إقراره بما في يد شريكه، أو بدين عليه. (ولا يقبل إقراره بما في يد شريكه ولا بدين عليه) أي على شريكه، لأنه لا يدله على ذلك. الضرب الثاني ذكره