كتاب الجهاد ختم به العبادات لأنه أفضل تطوع البدن. وهو مشروع بالاجماع لقوله تعالى: * (كتب عليكم القتال) * إلى غير ذلك ولفعله (ص) وأمره به. وأخرج مسلم: من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق. (وهو) أي الجهاد مصدر جاهد جهادا ومجاهدة من جهد إذا بالغ في قتل عدوه. فهو لغة بذل الطاقة والوسع.
وشرعا (قتال الكفار) خاصة بخلاف المسلمين من البغاة وقطاع الطريق، وغيرهم. فبينه وبين القتال عموم مطلق. (وهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط وجوبه عن غيرهم) وإن لم يقم به من يكفي أثم الناس كلهم. فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع، كفرض الأعيان.
ثم يختلفان بأن فرض الكفاية يسقط بفعل البعض، وفروض الأعيان لا تسقط عن أحد بفعل غيره. والدليل على أنه فرض كفاية: قوله تعالى: * (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى) * فهذا يدل على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم. وقال تعالى: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * - الآية ولان النبي (ص): كان يبعث السرايا ويقيم هو وأصحابه. وأما قوله تعالى: * (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما) * فقد قال ابن عباس: نسخها قوله تعالى: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * رواه الأثرم وأبو داود. ويحتمل أنه حين استنفرهم النبي (ص) إلى غزوة تبوك، وحينئذ يتعين كما يأتي. ولذلك هجر النبي (ص) كعب بن مالك، وأصحابه. لما تخلفوا حتى تاب الله عليهم. (ويسن في حقهم) أي حق غير الكافين فيه (بتأكد) لحديث أبي داود عن أنس مرفوعا: ثلاث من أصل الايمان: الكف عمن قال لا إله