قول أبي حنيفة) أي على من رد ما قاله من الأحكام الشرعية محتقرا لها، فإن ذلك موجب للطرد والابعاد، لا بمجرد الطعن في الاستدلال لان الأئمة لم تزل يرد بعضهم قول بعض، ولا بمجرد الطعن في الامام نفسه، لان غايته الحرمة فلا يوجب اللعن، لكن ليس فيه لعن شخص معين فهو كلعن الكاذبين ونحوهم من العصاة، فافهم. وفي هذا البيت من عيوب الشعر الايطاء، على أنه لم يذكره في تنوير الصحيفة كما قاله ابن عبد الرزاق. قوله: (وقد ثبت الخ) ففي تاريخ ابن خلكان عن الخطيب أن حفيد أبي حنيفة قال: أنا إسماعيل بن حماد بن النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان من أبناء فارس من الأحرار، والله ما وقع علينا رق قط، ولد جدي أبو حنيفة سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو صغير فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته، ونحن نرجو أن يكون الله تعالى قد استجاب لعلي فينا؟ والنعمان بن المرزبان أبو ثابت هو الذي أهدى لعلي الفالوذج في يوم مهرجان فقال علي: مهرجان كل يوم هكذا اه. وبه ظهر أن ما في بعض الكتب من قوله: وذهب ثابت بجدي إلى علي الخ غير ظاهر، لان عليا مات سنة أربعين من الهجرة كما في ألفية العراقي، فالظاهر أن لفظة (بجدي) من زيادة النساخ، أو الباء زائدة وأصله جدي. قوله: (وصح الخ) قال بعض متأخري المحدثين ممن صنف في مناقب الامام كتابا حافلا ما حاصله: إن أصحابه الأكابر كأبي يوسف ومحمد بن الحسن وابن المبارك وعبد الرزاق وغيرهم لم ينقلوا عنه شيئا من ذلك، ولو كان لنقلوه، فإنه مما يتنافس فيه المحدثون ويعظم افتخارهم، وبأن كل سند فيه أنه سمع من صحابي لا يخلو من كذاب، فأما رؤيته لأنس وإدراكه لجماعة من الصحابة بالسن فصحيحان لا شك فيهما، وما وقع للعيني أنه أثبت سماعه لجماعة من الصحابة رده عليه صاحبه الشيخ الحافظ قاسم الحنفي.
مطلب فيما اختلف فيه من رواية الامام عن بعض الصحابة والظاهر أن سبب عدم سماعه ممن أدركه من الصحابة أنه أول أمره اشتغل بالاكتساب حتى أرشده الشعبي لما رأى من باهر نجابته إلى الاشتغال بالعلم، ولا يسع من له أدنى إلمام بعلم الحديث خلاف ما ذكرته اه. لكن يؤيد ما قاله العيني: قاعدة المحدثين أن راوي الاتصال مقدم على راوي الارسال أو الانقطاع، لان معه زيادة علم، فاحفظ ذلك فإنه مهم. كذا في عقد اللآلي والمرجان للشيخ إسماعيل العجلوني الجراحي.
وعلى كل فهو من التابعين، ممن جزم بذلك الحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني وغيرهما. قال العسقلاني: إنه أدرك جماعة من الصحابة كانوا بالكوفة بعد مولده بها سنة ثمانين، ولم يثبت ذلك لاحد من أئمة الأمصار المعاصرين له: كالأوزاعي بالشام، والحمادين بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالمدينة الشريفة، والليث بن سعد بمصر. قوله: (وأدرك بالسن) أي وجد في زمنهم وإن لم يرهم كلهم. قوله: (كما بسط في أوائل الضياء) فقال: هم ابن نفيل، وواثلة، وعبد الله بن عامر وابن أبي أوفي، وابن جزء، وعتبة، والمقداد، وابن بسر، وابن ثعلبة، وسهل بن سعد وأنس