ومنهم ختم دائرة الولاية قطب الوجود سيدي محمد الشاذلي البكري الشهير بالحنفي، الفقيه الواعظ أحد من صرفه الله تعالى في الكون، ومكنه من الأحوال، نطق بالمغيبات، وخرق له العوائد، وقلب له الأعيان، وترجمة بعضهم في مجلدين، فقال العارف الشعراني: أنه لم يحط علما بمقامه حتى يتكلم عليه، وإنما ذكر بعض أمور على طريق أرباب التواريخ. توفي سنة 847. قوله:
(لبعده) علة لقوله لا يحصي، وحذف من قبل قوله أن يستقصي لامن اللبس، هو شائع مطرد: أي لا يمكن إحصاؤه لتباعده من طلب استقصائه،: أي، غايته ومنتهاه، والتعبير بقوله: لا يحصي أبلغ من قولنا لا يعد لان العد أن تعد فردا فردا، والاحصاء يكون للجمل، لذا قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) [النحل: 18] معناه والله أعلم: إن أردتم عدها فلا تقدروا على إحصائها، فضلا عن العد، كذا أفاده الامام النسفي في المستصفي. قوله: (أبو القاسم) تلك كنيته، واسمه عبد الكريم بن هوازن الحافظ المفسر الفقيه، والنحوي اللغوي الأديب الكاتب القشيري، الشجاع البطل، لم ير مثل نفسه، ولا رأى الراؤون مثله، وإنه الجامع لأنواع المحاسن. ولد سنة 377، وسمع الحديث من الحاكم وغيره، وروى عنه الخطيب وغيره، وصنف التصانيف الشهيرة، وتوفي سنة 465 ط عن الزرقاني على المواهب. قوله: (في رسالته) أي التي كتبها إلى جماعة الصوفية ببلدان الاسلام سنة 437 ه، ذكر فيها مشايخ الطريقة وفسر ألفاظا 0 تدور بينهم بعبارات أنيقة. قوله:
(مع صلابته) أي قوته وتمكنه ط. قوله: (في مذهبه) وهو مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه أو طريقة أهل الحقيقة ط. قوله: (سمعت الخ) مقول القول: أبو علي هو الحسن بن علي الدقاق.
وأبو القاسم هو إبراهيم بن محمد النصر اباذي بالذال المعجمة شيخ خراسان، جاور بمكة، ومات بها سنة 367. والشبلي هو الإمام أبو بكر دلف ا الشبلي البغدادي المالكي المذهب، صحب الجنيد، مات سنة 334. والسري هو أبو الحسن بن مغلس السقطي خال الجنيد وأستاذه، توفي سنة 257.
قوله: (من أبي حنيفة)، هو فارس هذا الميدان، فإن مبني علم الحقيقة على العلم والعمل وتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فقال أحمد بن جنبل في حقه: إنه كان من لعلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلى القضاء فلم يفعل.
وقال عبد الله بن المبارك: ليس أحد أحق من أن يقتدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إماما تقيا نقيا ورعا عالما فقيها، كشف العلم كشفا لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقي.
وقال الثوري لمن قال له جئت عند أبي حنيفة: لقد جئت من عند أعبد أهل الأرض.
وأمثال ذلك مما نقله ابن حجر وغيره من العلماء الاثبات. قوله: (فعجبا) هو مفعول مطلق، أي