جوهرة النجاسة بل جوهر المتنجس عكس الكثيفة، فليتأمل ا ه. وقيل لا يمنع اعتبارا لوقت الإصابة. قال القهستاني: وهو المختار، وبه يفتى، وظاهر الفتح اختياره أيضا. وفي الحلية: وهو الأشبه عندي، وإليه مال سيدي عبد الغني. وقال: فلو كانت أزيد من الدرهم وقت الإصابة ثم جفت فخفت فصارت أقل منعت.
هذا، وفي البحر وغيره: ولا يعتبر نفوذ المقدار إلى الوجه الآخر لو الثوب واحدا، بخلاف ما إذا كان ذا طاقين كدرهم متنجس الوجهين ا ه. وما في الخانية من أن الصحيح عدم المنع في الدرهم لأنه واحد. وفي الخلاصة أنه المختار. قال في الحلية: الحق أن الذي يظهر خلافه، لان نفس ما في أحد الوجهين لا ينفذ إلى الآخر، فلم تكن النجاسة متحدة بل متعددة وهو المناط ا ه.
(تتمة): قال في الفتح وغيره: ثم إنما يعتبر المانع مضافا إلى المصلي، فلو جلس الصبي أو الحمام المتنجس في حجره جازت صلاته لو الصبي مستمسكا بنفسه، لأنه هو الحامل لها، بخلاف غير المستمسك كالرضيع الصغير حيث يصير مضافا إليه، وبحث فيه في الحلية بأنه لا أثر فيما يظهر للإستمساك، لان المصلي في المعنى حامل للنجاسة، ومن ادعاه فعليه البيان.
أقول: وهو قوي، لكن المنقول خلافه، وروي بإسناد حسن عن أنس رضي الله تعالى عنه قال:
رأيت رسول الله (ص) يصلي والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه ولا يخفى أن الصغير لا يخلو عن النجاسة عادة، فهو مؤيد للمنقول. قوله: (وهو مثقال) هذا هو الصحيح، وقيل يعتبر في كل زمان درهمه. برح. وأفاد أن الدرهم هنا غيره في باب الزكاة، فإنه هناك ما كان كل عشرة منه وزن سبعة مثاقيل. قوله: (في نجس كثيف) لما اختلف تفسير محمد للدرهم، فتارة فسره بعرض الكف وتارة بالمثقال اختلف المشايخ فيه، ووفق الهندواني بينهما بما ذكره المصنف، واختاره كثير منهم، وصححه الزيلعي والزاهدي، وأقره في الفتح أن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى، وتمامه في البحر والحلية، ومقتضاه: أن قدر الدرهم من الكثيفة لو كان منبسطا في الثوب أكثر من عرض الكف لا يمنع كما ذكره سيدي عبد الغني. قوله: (له جرم) تفسير للكثيف، وعد منه في الهداية الدم، وعده قاضيخان مما ليس له جرم، ووفق في الحلية بحمل الأول على ما إذا كان غليظا والثاني على ما إذا كان رقيقا. قال: وينبغي أن يكون المني كذلك ا ه. فالمراد بذي الجرم ما تشاهد بالبصر ذاته لا أثر كما مر ويأتي. قوله: (وهو داخل مفاصل أصابع اليد) قالا منلا مسكين: وطريق معرفته أن تغرف الماء باليد ثم تبسط، فما بقي من الماء فهو مقدار الكف. قوله: (من مغلظة) متعلق بقوله عفا ط. أو بمحذوف صفة لكثيف ورقيق: أي كائنين من نجاسة مغلظة. وقال في الدرر: متعلق بقدر الدرهم.
ثم اعلم أن المغلظ من النجاسة عند الامام ما ورد فيه نص لم يعارض بنص آخر، فإن عورض بنص آخر فمخفف كبول ما يؤكل لحمه، فإن حديث: استنزهوا من البول (1) يدل على نجاسته، وحديث العرنيين يدل على طهارته. وعندهما: ما اختلف الأئمة في نجاسته فهو مخفف، فالروث مغلظ عنده لأنه عليه الصلاة والسلام سماه ركسا ولم يعارضه نص آخر. وعندهما مخفف،