الشاة بحر. وله نظائر تأتي قريبا، ولا تظن أن كل ما دخلته النار يطهر كما بلغني عن بعض الناس أنه توهم ذلك، بل المراد أن ما استحالت به النجاسة بالنار أو زال أثرها بها يطهر، ولذا قيد ذلك في المنية بقوله: في مواضع. قوله: (وغلي) أي بالنار كغلي الدهن أو اللحم ثلاثا على ما سيأتي بيانه.
قوله: (غسل بعض) أي بعض نحو ثوب تنجس شئ منه كما سيأتي الكلام عليه. قوله: (تقور) أي تقوير نحو سمن جامد من جوانب النجاسة، فهو من استعمال مصدر اللازم في المتعدي كالطهارة بمعنى التطهير كما أفاده الحموي. وخرج بالجامد المائع، وهو ما ينضم بعضه إلى بعض فإنه ينجس كله ما لم يبلغ القدر الكثير على ما مر ا ه. فتح: أي بأن كان عشرا في عشر، وسيأتي كيفية تطهيره إذا تنجس. قوله: (ويطهر زيت) قد ذكر هذه المسألة العلامة قاسم في فتاواه، وكذا ما سيأتي متنا وشرحها من مسائل التطهير بانقلاب العين، وذكر الأدلة على ذلك بما لا مزيد عليه، وحقق ودقق كما هو دأبه رحمه الله تعالى، فليراجع.
ثم هذه المسألة قد فرعوها على قول محمد بالطهارة بانقلاب العين الذي عليه الفتوى، واختاره أكثر المشايخ خلافا لأبي يوسف كما في شرح المنية والفتح وغيرهما. وعبارة المجتبى: جعل الدهن النجس في صابون يفتى بطهارته لأنه تغير، والتغير يطهر عند محمد، ويفتى به للبلوى ا ه.
وظاهره أن دهن الميتة كذلك لتعبيره بالنجس دون المتنجس، إلا أن يقال: هو خاص بالنجس لان العادة في الصابون وضع الزيت دون بقية الادهان. تأمل. ثم رأيت في شرح المنية ما يؤيد الأول حيث قال: وعليه يتفرع ما لو وقع إنسان أو كلب في قدر الصابون فصار صابونا يكون طاهرا لتبدل الحقيقة ا ه.
ثم اعلم أن العلة عند محمد هي التغير وانقلاب الحقيقة، وأنه يفتى به للبلوى كما علم مما مر، ومقتضاه عدا اختصاص ذلك الحكم بالصابون، فيدخل فيه كل ما كان فيه تغير وانقلاب حقيقة وكافيه بلوى عامة، فيقال: كذلك في الدبس المطبوخ إذا كان زبيبه متنجسا، ولا سيما أن الفأر يدخله فيبول ويبعر فيه وقد يموت فيه. وفيه بحث كذلك بعض شيوخ مشايخنا فقال: وعلى هذا إذا تنجس السمسم ثم صار طحينة يطهر، خصوصا وقد عمت به البلوى، وقاسه على ما إذا وقع عصفور في بئر حتى صار طينا لا يلزم إخراجه لاستحالته.
قلت: لكن قد يقال: إن الدبس ليس فيه انقلاب حقيقة لأنه عصير جمد بالطبخ، وكذا السمسم إذا درس واختلط دهنه بأجزائه ففيه تغير وصف فقط، كلبن صار جبنا، وبر صار طحينا، وطحين صار خبزا، بخلاف نحو خمر صار خلا، وحمار وقع في مملحة فصار ملحا، وكذا دردي خمر صار طرطيرا، وعذرة صارت رمادا أو حمأة، فإن ذلك كله انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى، لا مجرد انقلاب وصف كما سيأتي، والله أعلم. قوله: (رش بماء نجس) أي أو بال فيه صبي أو مسح بخرقة مبتلة نجسة. حلية. قوله: (لا بأس بالخبز فيه) أي بعد ذهاب البلة النجسة بالنار وإلا تنجس كما في الخانية. قوله: (ذكره الحلبي) وعلله بقوله: لاضمحلال النجاسة بالنار وزوال أثرها.