يصر مستعملا، إنما المستعمل ما ينفصل عن العضو بعد المسح قياسا على الماء. شرح المنية، ونحوه ما قدمناه عن النهر، وهو المذكور في الحلية، فافهم. قوله: (ولا يخاف العطش) إذا لو خافه لا يحتاج إلى حيلة لاشتغاله بحاجته الأصلية. والظاهر أن عطش غيره من أهل القافلة كعطشه وإن كان لا يسقيهم منه، إذ لو اضطر أحدهم إليه وجب دفعه له فيما يظهر، ولذا جاز له قتاله كما مر. قوله: (بما يغلبه) أي بشئ يخرجه عن كونه ماء مطلقا كماء ورد أو سكر مثلا. قوله: (أو يهبه) أي ممن يثق بأنه يرده عليه بعد ذلك، فافهم. قوله: (على وجه يمنع الرجوع) كذا ذكره في شرح المنية، لقول قاضيخان:
إن قولهم الحيلة أن يهبه من غيره ويسلمه ليس بصحيح عندي، لأنه إذا تمكن من الرجوع كيف يجوز له التيمم؟ قال في شرح المنية: وهو الفقه بعينه، والحيلة الصحيحة أن يخلطه الخ.
قلت: لكن يدفع هذا قوله: على وجه يمنع الرجوع أي بأن تكون الهبة بشرط العوض.
وأيضا فقد أجاب في الفتح بأن الرجوع في الهبة مكروه، وهو مطلوب العدم شرعا، فيجوز أن يعتبر الماء معدوما في حقه لذلك وإن قدر عليه. قال في الحلية، وهو حسن.
أقول: على أن الرجوع في الهبة يتوقف على الرضا أو القضاء، لكن قد يقال: إنه ما وهبه إلا ليسترده، والموهوب منه لا يمنعه إذا طلبه الواهب وذلك يمنع التيمم. والجواب: أنه يسترده بهبة أو شراء لا بالرجوع فلا يلزم المكروه، والموهوب منه إذا علم بالحيلة يمتنع من دفعه للوضوء. تأمل.
قوله: (وناقضه ناقض الأصل الخ) أي ما جعل التيمم بدلا عنه من وضوء أو غسل.
واعلم أن كل ما نقض الغسل مثل المني نقض الوضوء، ويزيد الوضوء بأنه ينتقض بمثل البول، فالتعبير بناقض الوضوء كما في الكنز يشمل ناقض الغسل، فيساوي التعبير بناقض الأصل كما في البحر.
واعترضه المصنف في منحه بما حاصله أنه وإن نقض تيمم الوضوء كل ما نقض الغسل، لكن لا ينقض تيمم الغسل كل ما نقض الوضوء، لأنه إذا تيمم عن جنابة ثم بال مثلا فهذا ناقض للوضوء لا ينتقض به تيمم الغسل، بل تنتقض طهارة الوضوء التي في ضمنه، فتثبت له أحكام الحدث لا أحكام الجنابة، فقد وجد ناقض الوضوء ولم ينتقض تيمم الجنابة، فظهر أن التعبير بناقض الأصل أولى من ناقض الوضوء لشموله التيمم على الحدثين، فأين المساواة؟ ا ه. لكن في عبارة المصنف في المنح حذف المضاف من بعض المواضع فذكرناه ليزول الاشتباه، فافهم. قوله: (فلو تيمم الخ) تفريع صحيح دل عليه كلام المتن، لان منطوق عبارة المتن أنه لو تيمم عن حدث انتقض بناقض أصله وهو الوضوء وذلك كل ما نقض الوضوء والغسل كما مر، ولو تيمم عن جنابة انتقض بناقض أصله وهو الغسل، ومفهومه أنه لا ينتقض بغير ناقض أصله، ففرع على هذا المفهوم كما هو عادته في مواضع لا تحصى أنه إذا تيمم الجنب ثم أحدث لا ينتقض تيممه عن الجنابة، لان الحدث لا ينقض أصله وهو الغسل، فلا يصير جنبا وإنما يصير محدثا بهذا الحدث العارض، فافهم. قوله:
(فيتوضأ الخ) تفريع على التفريع: أي وإذا صار محدثا فيتوضأ حيث وجد ما يكفيه للوضوء فقط ولو مرة مرة، ولكن لو كان لبس الخف بعد ذلك التيمم وقبل الحدث ينزعه ويغسل لان طهارته بالتيمم