معراج عن العتابية وجعله في العناية رواية عن الامام وهو المختار والأيسر كما في الاختيار وأفاد في النهر أن المائتين واجبتان والمائة الثالثة مندوبة، فقد اختلف التصحيح والفتوى. وضعف هذا القول في الحلبة وتبعه في البحر بأنه إذا كان الحكم الشرعي نزح الجميع فالاقتصار على عدد مخصوص يتوقف على دليل سمعي يفيده، وأين ذلك؟ بل المأثور عن ابن عباس وابن الزبير وخلافه، حين أفتيا بنزح الماء كله حين مات زنجي في بئر زمزم، وأسانيد ذلك الأثر مع دفع ما أورد عليها مبسوطة في البحر وغيره. قال في النهر: وكأن المشايخ إنما اختاروا ما عن محمد لانضباطه كالعشر تيسيرا كما مر ا ه. قلت: لكن مروياتي أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار، على أنهم قالوا:
إن محمدا أفتى بما شاهد في آبار بغداد فإنها كثيرة الماء، وكذا ما روي عن الامام من نزح مائة في مثل آبار الكوفة لقلة مائها فيرجع إلى القول الأول، لأنه تقدير ممن له بصارة وخبرة بالماء في تلك النواحي، لا لكون ذلك لازما في آبار كل جهة. والله أعلم. قوله: (وذاك) أي ما في المتن أحوط للخروج عن الخلاف ولموافقته للآثار. قوله: (طهرت) أي إذا لم يظهر أثر النجاسة. قوله: (كما مر) (1) أي في قوله: ويجوز بجار وقعت فيه نجاسة. قوله: (وسيجئ) أي بعد أسطر. قوله:
(فإن أخرج الحيوان) أي الميت. قوله: (كآدمي) أي مما عادله في الجثة كالشاة والكلب كما في البحر. قوله: (وكذا سقط الخ) أفاد أن ما ذكروا فيه نزحا مقدرا لا فرق بين كبيرة وصغيرة، لكن قال الشيخ إسماعيل: وأما ولد الشاة إذا كان صغيرا فكالسنور كما تشعر به عباراتهم كما في البرجندي ا ه، وكذا قال ولده سيدي عبد الغني: الظاهر أن الآدمي إذا خرج من أمنه صغيرا أو كان سقطا فهو كالسنور لان العبرة بالمقدار في الجثة لا في الاسم ا ه.
قلت: لكن ما قدمنا عن الخانية أن السقط إن استهل فحكمه كالكبير إن وقع في الماء بعد ما غسل لا يفسده وإن لم يسهل أفسد وإن غسل، وتقدم أيضا أن ذنب الفأرة لو شمع ففيه ما في الفأرة، ثم رأيت في القهستاني قال: فلو وقع فيها سقط ينزح كل الماء. وعن أبي حنيفة أن الجدي كالشاة. وعنه أنه والسخلة كالدجاجة كما في الزاهدي ا ه.
فعلم أن في الجدي روايتين. والظاهر أن مثله السخلة وهي ولد الشاة، وإلحاق السقط بالكبير يؤيد الأولى منهما، وتقييد الشارح الإوز بالكبير تبعا للخلاصة، وقال فيها: أما الصغير فكالحمامة يؤيد الثانية. وفي السراج أن الإوزة عند الامام كالشاة في رواية، وكالسنور في أخرى ا ه.
أقول: وهذا المقام يحتاج إلى تحرير وتدبر، فاعلم أن المأثور كما ذكره أئمتنا هو نزح الكل في الآدمي والأربعين في الدجاجة والعشرين في الفأرة، فلذا كانت المراتب ثلاثة كما سنذكره، وعن هذا أورد في المستصفى أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار، والنص ورد في الفأرة والدجاجة والآدمي فكيف يقاس ما عدلها بها، ثم أجاب بأنه بعد ما استحكم هذا الأصل صار كالذي ثبت على وفق القياس في حق التفريع عليه. واعترضه في البحر بأنه ظاهر في أن فيه للرأي مدخلا وليس كذلك، وقال: فالأولى أن يقال: إنه إلحاق بطريق الدلالة لا بالقياس كما اختاره في المعراج ا ه.