إذا علمت ذلك ظهر لك أن ما ورد بالنص من الثلاثة المذكورة لم يفرق بين صغيرة وكبيرة في ظاهر الرواية وقوفا مع النص، ولهذا لم يختلفوا في السقط، بخلاف ما ألحق بذلك كالشاة والاوزة، فإنه قد يقال: إن صغيره ككبيره أيضا تبعا للملحق به. وقد يقال بالفرق اعتبارا للجثة، فلذا وقع فيه الاختلاف، هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم فاغتنمه. قوله: (كما مر) أي بأن يقال:
العشرون للوجوب والزائد للندب.
تنبيه: ظاهر اقتصار المصنف على ما ذكره يفيد أن المراتب ثلاث، لأنها الواردة في النص كما قدمناه. وروى الحسن عن الامام أن في القراد الكبير والفأرة الصغيرة عشر دلاء، وأن في الحمامة ثلاثين، بخلاف الهرة فالمراتب خمس، لكن الذي في المتون هو الأول وهو ظاهر الرواية كما في البحر والقهستاني. قوله: (وهذا) أي نزح الأربعين أو العشرين لتطهير البئر. قوله: (بخلاف نحو صهريج وحب الخ) الصهريج: الحوض الكبير يجتمع فيه الماء. قاموس. والحب: أي بضم الحاء المهملة الخابية الكبيرة. صحاح. وأراد بذلك الرد على من أفتى بنزح عشرين في فأرة وقعت في صهريج، كما نقله في النهر عن بعض أهل عصره متمسكا بما اقتضاه إطلاقهم من عدم الفرق بين المعين وغيرها. ورده في النهر تبعا للبحر بما في البدائع والكافي وغيرهما من أن الفأرة لو وقعت في الحب يهراق الماء كله. قال: ووجهه أن الاكتفاء بنزح البعض في الآبار على خلاف القياس بالآثار فلا يلحق بها غيرها، ثم قال: وهذا الرد إنما يتم بناء على أن الصهريج ليس من مسمى البئر في شئ. اه أي فإذا ادعى دخوله في مسمى البئر لا يكون مخالفا للآثار، ويؤيده ما قدمناه ما أن البئر مشتقة من بأرت: أي حفرت. والصهريج: حفرة في الأرض لا تصل اليد إلى مائها، بخلاف العين والحب والحوض، وإليه مال العلامة المقدسي فقال: ما استدل به في البحر لا يخفى بعده، وأين الحب من الصهريج، لا سيما الذي يسع ألوفا بالدلاء ا ه. لكنه خلاف ما في النتف.
قوله: (يهراق الماء كله) أقول: وهل يطهر بمجرد ذلك أم لا بد من غسله بعده ثلاثا؟ والظاهر الثاني. ثم رأيته في التاترخانية قال ما نصه: وفي فتاوي الحجة سئل عبد الله بن المبارك عن الحب المركب في الأرض تنجس؟ قال: يغسل ثلاثا، ويخرج الماء منه كل مرة فيطهر، ولا يقلع الحب ا ه. قوله: (ونحوه في النتف) مقول القول: أي نحو ما في البحر والنهر قال ابن عبد الرزاق: ولم أره في كتاب النتف ا ه.
أقول: رأيت في النتف ما نصه: وأما البئر فهي التي لها مواد من أسفلها ا ه. أي لها مياه تمدها وتنبع من أسفلها. ولا يخفى أنه على هذا التعريف يخرج الصهريج والحب والآبار التي تملأ من المطر أو من الأنهار، فهو مثل ما في البحر والنهر. قوله: (ونقل) أي المصنف، وهو تأييد لما أفتى به ذلك العصري. قوله: (أن حكم الركية الخ) الركية على وزن عطية، قال ح: هي البئر كما