الحمار والبغل لو خرج حيا ولم يصب فمه الماء، وكذا ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم والطيور والدجاجة المحبوسة ا ه. ومثله في مختارات النوازل. قوله: (كذا في الخانية) أقول: لم أره في الخانية، وإنما الذي فيها أنه ينزح في البغل والحمار جميع الماء إذا أصاب فمه الماء، وكذا في البحر معزيا إليها وإلى غيرها، ومثله في الدرر، وعزاه شارحها إلى المبتغى، وكذا في البدائع والقهستاني والامداد والحاوي القدسي ومختارات النوازل والبزازية وغيرها. وقال في المنية: كذا روي عن أبي يوسف، وقال شارحها الحلبي: ولم يرو عن غيره خلافه ا ه. وفي الفتح: وإن أدخل فمه الماء نزح الكل في النجس، وكذا تظافر كلامهم في المشكوك ا ه. وفي الجوهرة:
وكذا كل ما سؤره نجس أو مشكوك: يجب نزح الكل. وفي السراج: وسؤر البغل والحمار ينزح كل الماء لأنه لم يبق طهورا، وكذا علله في الحلية بقوله: لصيرورة الماء مشكوكا، وهو غير محكوم بطهوريته على ما هو الأصح، بخلاف المكروه فإنه غير مسلوب الطهورية، ومثله في الفتح. لكن في البحر عن المحيط: لو وقع سؤر الحمار في الماء يجوز التوضؤ به ما لم يغلب عليه لأنه طاهر غير طهور، كالماء المستعمل عند محمد ا ه.
قلت: لكنه خلاف ما تظافر عليه كلامهم كما علمت، وإن مشى عليه الشارح فيما سيأتي في الأسئار وسننبه عليه.
والحاصل أنه إذا أصاب فم الحمار الماء صار مشكوكا فينزح الكل كالذي سؤره نجس. قال في شرح المنية: لاشتراكهما في عدم الطهورية وإن افترقا من حيث الطهارة، فإذا لم ينزح ربما يتطهر به أحد، والصلاة به وحده غير مجزئة فينزح كله ا ه. قال في الحلية: وهذا بخلاف ما إذا لم يصب فمه الماء، فإن الصحيح أنه لا يصير الماء مشكوكا، فيه كما في التحفة، وإنما ينزح منه عشرون دلوا كالشاة كما في الخانية ا ه.
أقول: وبه يظهر أن قول النهر: لكن في الخانية الصحيح أنه في البغل والحمار لا يصير مشكوكا، فلا يجب نزح شئ، نعم يندب نزح عشرة، وقيل نزح عشرين، منشؤه اشتباه حالة وصول فما الماء بحالة عدم الوصول، وتبعه الشارح فتنبه، ثم رأيت شيخ مشايخنا الرحمتي نبه على ذلك كما ذكرته. قوله: (كآدمي محدث) أي أنه ينزح فيه أربعون كما عزاه في التاترخانية إلى فتاوي الحجة، ثم عزا إلى الغيائية أنه ينزح فيه الجميع.
وفي شرح الوهبانية: والتحقيق النزح للجميع عند الامام، والثاني على ألقوا بنجاسة الماء المستعمل، وقيل أربعون عنده. ومذهب محمد أن يسلبه الطهورية، وهو الصحيح عند الشيخين، فينزح منه عشرون ليصير طهورا، وتمامه فيه، والمراد بالمحدث ما يشمل الجنب.
واستشكل في البدائع نزح العشرين بأن الماء المستعمل طاهر فلم يضر ما لم يغلب على المطلق كسائر المائعات، ثم قال: ويحتمل أن يقال: طهارته غير مقطوع بها للخلاف فيها، بخلاف سائر المائعات فينزح أدنى ما ورد به الشرع، وذلك عشرون احتياطا ا ه.
قلت: وهذه المسألة تؤيد القول بعدم الفرق بين الملقى والملاقي في الماء المستعمل، وأن المستعمل ما لاقى الأعضاء فقط، ولا يشيع في جميع ماء البئر وإلا لوجب نزح الجميع، لأنه إذا