من جملة ما يدل على إخراج الجارية قوله في الحديث " بعد أن يحلبها " فان ذلك يقتضى قصر الحكم على ما يصدق عليه اسم الحلب وفى إطلاق الحلب على الجارية نظر (واعلم) أن قاعدة مذهب الشافعي رضي الله عنه كما ذكره الامام يدل أن ثبوت الخيار في المصراة جار على القياس وإذا كان كذلك فيسوغ إلحاق غير المنصوص عليه بالمنصوص والمصنف رحمه الله وكثير من الأصحاب لم يذكروا الحديث الذي فيه صيغة العموم وإنما ذكروا النص في الإبل والغنم وكان ما سوى المنصوص عليه على قسمين (قسم) التصرية موجودة فيه في غير الإبل والغنم (وقسم) فيه معني بشبه التصرية فذكر المصنف رحمه الله الجارية في هذا الفصل والأتان في الذي بعده لأنهما ملحقان عند من يقول بالالحاق بالإبل والغنم لشمول التصرية بالجميع وذلك بعد تجعيد شعر الجارية ولأنه ملحق بالتصرية فلذلك أخره وله مراتب في الظهور كتجعيد الشعر فيلحق والخفاء كنقطة من المداد على ثوب العبد فلا يلحق وبين ذلك ففيه خلاف ونذكره هذه المراتب إن شاء الله تعالى عند كلام المصنف في تجعيد شعر الجارية وذكر الماوردي وجهين في التصرية في غير الإبل والبقر والغنم فأحد الوجهين وهو قول البصريين أنها ليست بعيب (والثاني) وهو قول البغداديين أن التصرية في كل الحيوان عيب (وأما) تصرية الجارية الذي هو محل كلام المصنف هنا فقال الامام إن الخلاف فيه ليس من النمط المذكور فان التلبيس بالتصرية في الجارية كالتلبيس بالتصرية في البهيمة وإنما نشأ الخلاف من أصل آخر وهو أن الأصل في خيار الخلف أن يترتب على الشرط والفعل الموهم المدلس الخلف بالشرط وهو دونه ويقوى أثره فيما يظهر توجه القصد إليه فاما مالا يتوجه القصد إليه فلا يظهر التلبيس فيه قال ويمكن أن يقال هذا مع التقريب يلتحق بما قدمناه من مواقع الحلاف يعني من المرتبة التي بين الظهور والخفاء كما أشرنا إليه من قبل فان الشئ إذا كان لا يقصد مما يجرى من تلبيس فيه وفاقا لا توهم ويمكن أن يقرب مما تقدم من وجه آخر وهو أن الضرع والاخلاف يعتاد معاينتها ويدرك الفرق فيها وليس كذلك الثدي في بنات آدم فان المشاهدة لا تتعلق غالبا به وغرضنا تخريج الوفاق والخلاف على أصول ضابطة انتهى ومقصود
(٨٥)