واحتج لأبي حنيفة باطلاق النصوص ولأنه لا يتصور تلف العقار بخلاف غيره * واحتج أصحابنا بما سبق في الاحتجاج على مالك وأجابوا عن النصوص بأنها مخصوصة بما ذكرناه (وأما) قولهم لا يتصور تلفه فينتقض بالجديد الكثير والله سبحانه وتعالى أعلم * قال المصنف رحمه الله * (وأما الديون فينظر فيها فإن كان الملك عليها مستقرا كغرامة المتلف وبدل القرض جاز بيعه ممن عليه قبل القبض لان ملكه مستقر عليه فجاز بيعه كالمبيع بعد القبض وهل يجوز من غيره فيه وجهان (أحدهما) يجوز لان ما جاز بيعه ممن عليه جاز بيعه من غيره كالوديعة (والثاني) لا يجوز لأنه لا يقدر على تسليمه إليه لأنه ربما منعه أو جحده وذلك غرر لا حاجة به إليه فلم يجز والأول أظهر لأن الظاهر أنه يقدر على تسليمه إليه من غير منع ولا جحود * وإن كان الدين غير مستقر نظرت فإن كان مسلما فيه لم يجز بيعه لما روى أن ابن عباس رضي الله عنهما (سئل عن رجل أسلف في حلل دقاق فلم يجد تلك الحلل فقال آخذ منك مقام كل حلة من الدقاق حلتين من الجل فكرهه ابن عباس وقال خذ برأس المال علفا أو غنما) ولان الملك في المسلم فيه غير مستقر لأنه ربما تعذر فانفسخ البيع فيه فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض * وإن كان ثمنا في بيع ففيه قولان قال في الصرف يجوز بيعه قبل القبض لما روى ابن عمر قال (كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير فآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس ما لم تتفرقا وبينكما شئ) ولأنه لا يخشي انفساخ العقد فيه بالهلاك فصار كالمبيع بعد القبض * وروى المزني في جامعه الكبير أنه لا يجوز لان ملكه غير مستقر عليه لأنه قد ينفسخ البيع فيه بتلف المبيع أو بالرد بالعيب فلم يجز بيعه كالمبيع قبل القبض وفى بيع نجوم المكاتب قبل القبض طريقان (أحدهما) أنه على قولين بناء على القولين في بيع رقبته (والثاني) انه لا يصح ذلك قولا واحدا وهو المنصوص في المختصر لأنه لا يملكه ملكا مستقرا فلم يصح بيعه كالمسلم فيه
(٢٧٢)