من غير إحرام وكذا نقل الفوراني في الإبانة انه كره في الجديد الاحرام قبل الميقات وكأن الغزالي تابع الفوراني في هذا النقل وهو نقل ضعيف غريب لا يعرف لغيرهما ونسبه صاحب البحر إلى بعض أصحابنا بخراسان والظاهر أنه أراد الفوراني ثم قال صاحب البحر هذا النقل غلط ظاهر وهذا الذي قاله صاحب البحر من التغليط هو الصواب فان الذي كرهه الشافعي في الجديد انه هو التجرد عن المحيط لا الاحرام قبل الميقات بل نص في الجديد على الانكار على من كره الاحرام قبل الميقات واختلف أصحابنا في الأصح من هذين القولين فصححت طائفة الاحرام من دويرة أهله ممن صرح بتصحيحه القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد والروياني في البحر والغزالي والرافعي في كتابيه وصحح الأكثرون والمحققون تفضيل الاحرام من الميقات ممن صححه المصنف في التنبيه وآخرون وقطع به كثيرون من أصحاب المختصرات منهم أبو الفتح سليم الرازي في الكفاية والماوردي في الاقناع والمحاملي في المقنع وأبو الفتح نصر المقدسي في الكافي وغيرهم وهو الصحيح المختار وقال الرافعي في المسألة ثلاث طرق (أصحها) على قولين (والثاني) القطع باستحبابه من دويرة أهله (والثالث) ان أمن على نفسه من ارتكاب محظورات الاحرام فدويرة أهله أفضل والا فالميقات (والأصح) على الجملة أن الاحرام من الميقات أفضل للأحاديث الصحيحة المشهورة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم في حجته من الميقات) وهذا مجمع عليه وأجمعوا على أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد وجوب الحج ولا بعد الهجرة غيرها (وأحرم صلى الله عليه وسلم عام الحديبية بالعمرة من ميقات المدينة ذي الحليفة) رواه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي وكذلك أحرم معه صلى الله عليه وسلم بالحجة المذكورة والعمرة المذكورة أصحابه من الميقات وهكذا فعل بعده صلى الله عليه وسلم أصحابه والتابعون وجماهير العلماء وأهل الفضل فترك النبي صلى الله عليه سلم الاحرام من مسجده الذي صلاة فيه أفضل من الف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الحرام وأحرم من الميقات فلا يبقى بعد هذا شك في أن الاحرام من الميقات أفضل (فان قيل) إنما أحرم النبي صلى الله عليه وسلم من الميقات ليبين جوازه
(٢٠١)