وثانيا: أنه لو تم سنده ودلالته، لدل على حرمة بيعه، وحرمة المعاملة لا تستلزم فسادها كما حققناه في الجزء الثاني من كتابنا زبدة الأصول، وفي الجزء الأول من كتابنا منهاج الفقاهة والجزء الخامس عشر من كتابنا فقه الصادق.
وثالثا: أن دلالة هذه الجملة غير تامة لوجوه:
1: إن الظاهر ولا أقل من المحتمل، كون المشار إليه بقوله عليه السلام، فهذا كله حرام محرم هو بيع المذكورات، وقد علل هذا الحكم على هذا بحرمة جميع التقلبات والتصرفات فيها، فيكون المستفاد حينئذ إن علة المنع هي حرمة جميع التصرفات، فيختص هذا الحكم بما يكون ممحضا في الفساد لأن العلة تخصص كما تعمم، ولا ينافي، ذلك قوله عليه السلام من جهة أكله الخ... فإنه على ذلك يحمل على إرادة ما كان فائدته العقلائية منحصرة في الأكل كاللحم.
2: إن هذه لو تمت دلالتها على حرمة بيع ما فيه وجه من وجوه الفساد لوقع التعارض بينها، وبين ما تقدمها من الجملة، وهي: وكل شئ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات فهذا كله حلال بيعه وشرائه، الدالة على جواز بيع ما فيه وجه من وجوه الصلاح.
3: إن جملات أواخر الحديث تدل على الجواز، وتفسير المنع المزبور، بما ليس فيه وجه من وجوه الصلاح فتأمل.
الوجه الثالث: إن خبر دعائم الاسلام عن مولينا الصادق عليه السلام إن الحلال من البيوع كلما كان حلالا من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام للناس ويباح لهم الانتفاع، وما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه (1) دال على ذلك.
وفيه: إن مؤلف ذلك الكتاب وهو أبو حنيفة، نعمان بن محمد بن منصور قاضي مصر، وإن تبصر بعد ما كان مالكيا فصار إماميا، إلا أن كونه ثقة لم يثبت ولم يصرح به أحد، أضف إلى ذلك أنه مرسل غير مجبور بشئ.
واقتصاره فيه على الثابت الصحيح مما روي عن المعصومين عليهم السلام كما صرح به لا يكون توثيقا اجماليا للرواة المحذوفين، وثبوت الصحة عنده لا يلازم ثبوتها عندنا،