وأما الثاني: فلأنه لا محذور في الالتزام بذلك بل ظاهر الفتاوى أيضا كالنص ذلك.
وأما الثالث: فلأنه لا وجه لهذه الدعوى سوى، دعوى الانصراف، ومناسبة سياق أخواته وكلتا الدعويين كما ترى.
فالمتحصل عدم جواز بيع الدم النجس.
وقد استدل على عدم الجواز بوجوه أخر، ذكرناها مع ما يرد عليها في الجزء الأول من كتابنا منهاج الفقاهة. والجزء الخامس عشر من فقه الصادق.
إلا أن الانصاف: أن للمنع عن عدم جواز بيعه مجالا واسعا: فإن الخبر ضعيف السند، و استناد الأصحاب إليه غير ثابت، ومجرد الموافقة في الفتوى لا يجدي في الجبر.
مع: أن أمير المؤمنين عليه السلام إنما نهي القصابين عن بيعه، ولم ينه عن بيع الدم مطلقا، والدم في ذلك الزمان لم يكن له هذه المنفعة العظيمة، لا سيما دم الشاة فالتعدي قياس مع الفارق.
أضف: أي ذلك اختصاص الدليل بالبيع، وعدم شموله للصلح مثلا، فالأظهر جواز إيقاع المعاملة عليه، سيما بنحو الصلح وما شاكل.
المورد الثالث نجاسته بعد الزرع وطهارته:
إذا غسل الميت ثم أخذ منه العضو فلا اشكال في طهارته، وإن أخذ منه قبله فقبل أن يزرع وأن كان نجسا، إلا أنه بعدما زرع، وحلت به الحياة، يصير من أجزاء الحي، ويتبدل عنوان كونه ميتا ومن أعضاء الميت إلى صيرورته جزءا من أجزاء الحي، ولا شك في أن موضوع الحكم هو الميتة، ومع التبدل ينقلب حكمه، مثلا - لو فرضنا صيرورة حيوان حيا بعد ما كان ميتا، فهل يتوقف أحد في طهارته إن كان من الحيوانات غير النجسة، فكذلك في المقام.
وعلى فرض التنزل وتسليم الشك، بما أن المختار عدم جريان الاستصحاب في الأحكام، فلا مجال لجريان استصحاب النجاسة، مضافا إلى الشك في بقاء الموضوع: لاحتمال كون الموضوع لها هو ما ليس فيه الروح، فيتعين الرجوع إلى أصالة الطهارة القاضية بالطهارة في المقام