الفساد مما هو منهى عنه من جهة، أكله وشربه، أو كسبه، أو نكاحه، أو ملكه، أو إمساكه، أو هبته، أو عاريته، أو شئ يكون فيه وجه من وجوه الفساد، نظير البيع بالربا، أو بيع الميتة، أو الدم، أو لحم الخنزير، أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها، أو الخمر، أو شئ من وجوه النجس، فهذا كله حرام محرم، لأن ذلك كله منهى عن أكله وشربه ولبسه وملكه وامساكه والتقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام، الحديث.
والظاهر من هذه الجملة حرمة بيع ما فيه الفساد ولو بوجه من وجوهه، وإن كان فيه جهة الصلاح، فتشمل بيع المذياع، وتدل على حرمته.
وفيه أولا: إنه ضعيف السند، لأن الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة وإن كان جليل القدر عظيم المنزلة، وكتابه هذا جليل معتمد عليه عند الأصحاب كما صرح بذلك كله أئمة الفن، إلا أنه لم يرو هذا الخبر مسندا، بل أرسله عن الإمام الصادق عليه السلام، فلا تشمله أدلة حجية خبر الواحد.
ودعوى: إن نقل هذا الشيخ الجليل عن الرواة المحذوفين قرينة على وثاقتهم.
مندفعة: بأن جلالته تمنع عن كذبه لا عن نقله عن غير الثقة.
ودعوى: إن آثار الصدق منه ظاهرة.
مندفعة بأنه لم يظهر فيه من آثار الصدق سوى اضطراب متنه وتكرار جمله.
وأما طريقه الآخر: الذي هو مسند باعتباره، فمن جهة أن من رجاله أحمد بن يوسف، و حسين بن علي بن أبي حمزة، وأباه، وهم من الضعفاء لا يعتمد عليه.
ودعوى: انجبار ضعفه بعمل المشهور، أضف إليه موافقة مضمونه لمضمون جملة من الروايات الصحيحة.
مندفعة: بأن عمل المتقدمين من الأصحاب الذي، هو الجابر لضعف السند غير ثابت، و عمل المتأخرين غير نافع، بل، يمكن منع عملهم به فإن فتاوى جلهم في المسائل المتفرقة لا تطابق بعض جمل الخبر، إذ بعض جمله يدل على حرمة بيع النجس مطلقا، مع، أنه لم يفت به الأكثر، وبعضها يدل على حرمة إمساكه والتقلب فيه، مع أنه لم يفت به أحد، والخبر الضعيف لا يصير حجة بالموافقة لما هو الحجة.