ولكن يرد عليه، إن الانسان وإن كان مالكا لنفسه ولأعضائه وأعماله وذمته بالملكية الذاتية كما بيناه في مسألة الشوارع المفتوحة إلا أن حرمة التصرف من هذه الناحية ترتفع بإذن الميت قبل وفاته أو وليه بعد الموت، وعلى فرض عدم الإذن يباح التصرف من جهة توقف مصلحة أقوى عليه.
وقد يقال: إن هذا لا ينافي ثبوت عوض العضو في ذمته فإن العضو حينئذ له مالية فمن انتفع به يكون ضامنا لعوضه، وتوقف مصلحة أقوى عليه، موجب لجوازه لا يدفع الضمان، كما في أكل مال الغير في المخصمة، وعليه فلا بد من رد عوضه إلى ورثة الميت يقسم بينهم كسائر أمواله.
فلو أذن الميت قبل وفاته ليؤخذ عيونه لتزرع في جسم انسان حي مجانا لا يكون عوضه ثابتا في ذمة المتصرف: فإنه من قبيل الوصية النافذة بمقدار الثلث، كما أن للورثة الاغماض عن العوض لأنه حقهم وملكهم.
بيع أعضاء الأموات:
إلا أن: الانصاف عدم جوازا خذ عوضه، لما دل على أن عوض الميتة وثمنها سحت.
كخبر السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام السحت ثمن الميتة الحديث (1) ولا وجه للخدشة في سنده إذ ليس في سنده من يمكن القول بعدم حجية خبره سوى النوفلي، والسكوني، وهما ثقتان على الأظهر، وإن قيل إن الأول صار غاليا في آخر عمره و الثاني عامي.
وموثق الجعفريات عن أمير المؤمنين عليه السلام من السحت ثمن الميتة (2)، ونحوهما غيرهما.
وهذه النصوص وإن اختصت بالميتة إلا أنه يفهم منها حرمة بيع أعضائها أيضا فإن المستفاد منها بحسب الارتكاز والمتفاهم العرفي أن الممنوع أخذ العوض بإزائه جسد الميت