عن محور هذا البحث، فإنه متمحض في البحث عن المستحدثات. وعلى ذلك فما هو محل بحثنا فعلا أعمال أربعة للبنوك.
1 - ايداع الأمانات:
وهي المبالغ يودعها أصحابها في البنوك لمدة محدودة، وفي تلك المدة يتصرف البنك فيها بما يشاء حتى التصرفات الناقلة - وبإزاء ذلك يعطي البنك فائدة للمودع.
وقد يستشكل في ذلك: بأن هذا الايداع إن كان قرضا كان ربويا وباطلا، وإن كان بعنوان الوديعة، فلا يجوز للبنك التصرف فيه تصرفا ناقلا وإن أذن له صاحبه، وإن كان تمليكا مجانيا لزم منه عدم استحقاق صاحب المال شيئا على البنك بعد ذلك، وإن كان تمليكا ضمانيا كان ذلك قرضا.
والجواب أن ايداع المال في البنك يتصور فيه وجوه:
الأول: أن يبيع المودع ما يودعه بالبنك إلى أجل معين بأزيد منه، وهذا لا اشكال فيه و قد تقدم البحث عنه في الأوراق النقدية.
الثاني: أن يكون بعنوان الوديعة، والأمانة الشرعية وإن كان لا يجوز أن يتصرف فيها الأمين إلا أنه إذا لم يأذن صاحب المال فيه، فمع إذنه كما في الودائع لدى البنوك جاز التصرف، والإذن المذكور ليس إذنا في التملك حتى يقال إنه إن كان مجانيا لزم منه عدم استحقاق صاحب المال شيئا على البنك، وإن كان ضمانيا كان ذلك قرضا، بل هو إذن في التصرف مع بقاء المال على ملك صاحبه.
فإن قيل: إنه لا يمكن تنزيل معاملات البنوك على هذه الصورة: لأن لازم ذلك كون ما يشتريها البنك بإزائها لأصحاب تلك الأموال ولا يعقل كونه للبنك: إذ كيف يجتمع إباحة التصرفات الناقلة مع كون العوض ملكا للمتصرف لأنه لا بدان يدخل أحد العوضين في ملك من خرج العوض الآخر عن ملكه لأن طبيعة المعاوضة تقتضي ذلك.
أجبنا عنه أنه: ليس هناك تصرف متوقف على الملك حتى البيع فإنه عبارة عن اعطاء