البيع كي يكون أكلا بالباطل.
الوجه الثاني: إن (1) جملة من النصوص تدل على تحريم بيع الجارية المغنية ولا وجه له سوى كون الغناء مقصودا في ذلك البيع، فلو اشترى المذياع لمنفعته المحرمة بطل البيع.
وفيه: أولا إن تلك النصوص لم يعمل بها الأصحاب، وذلك يظهر بعد بيان أمرين:
1 - إن صفة غناء الجارية لها منفعتان محللة ومحرمة، بناء على ما هو المعروف من أن كسب المغنيات التي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس كما نطقت النصوص (2) به.
2 - إن بعض (3) النصوص صريح في جواز بيع المغنية وشرائها إذا كان يطلب بها الرزق لا سوى ذلك، ومعلوم أن التاجر الذي يشتري المغنيات ويبيعهن إنما يوقع المعاملة عليهن بما هن مغنيات، وعلى ذلك فبعد تقييد تلك النصوص بهذا النص تختص تلك النصوص بما إذا بيع المغنية بداعي سماع الغناء والانتفاع بها في الحرام، وفي هذا الفرض بالخصوص لم يفت أحد بالفساد، لا سيما بعد فرض عدم كون صفة الغناء مما له منفعة محرمة خاصة، بل، يمكن أن يقال إن هذا النص معارض مع تلك النصوص لتضمنه جواز بيع التاجر المغنية وإن كان المشتري يشتريها بداعي الانتفاع بغنائها على وجه محرم والبايع كان عالما بذلك، والجمع العرفي يقتضي حمل تلك النصوص على الكراهة.
وثانيا: فرق بين المقام، وتلك المسألة، فإنه في بيع المغنية، إنما يؤخذ تلك الصفة المتمولة لدى العرف عنوانا للمبيع فيقع مقدار من الثمن بإزائها، وبعبارة أخرى تكون هي من عناوين المبيع، وهذا بخلاف هذه المسألة وهي ما لو قصد التصرف في المبيع على الوجه المحرم الذي لا يوجب صفة في المبيع ليقع مقدار من الثمن بإزائها.
فتحصل: إن الأظهر جواز البيع وإن قصد المنفعة المحرمة.