ومنها قبور المسلمين في بلادهم، محاريبهم في مساجدهم إذا لم يعلم بانحرافها عن المحاذاة الصحيحة.
[المسألة 62] إذا لم يمكن للمكلف تحصيل العلم بالقبلة، ولم تقم لديه البينة العادلة المستندة في شهادتها إلى الحس، وجب عليه الاجتهاد في تحصيل الاطمئنان بها، ولا يكفي الظن مع امكان الاطمئنان، ولا يكتفي بالظن القوي مع امكان تحصيل ما هو أقوى منه، ولا بالظن الضعيف مع امكان تحصيل الظن القوي ولا يختص الاجتهاد بأمارات معينة، فقد يحصل العلم أو الاطمئنان من خرائط علمية دقيقة تبين مواقع البلاد من خطوط الطول والعرض، وتوضح موضع مكة ومقدار انحراف البلد عنها، وقد يحصل العلم أو الاطمئنان من (البوصلة) المغناطيسية التي تعين اتجاه البلاد للقبلة، وإنما يعتمد على هذه الآلة بعد اجراء التجارب عليها من أهل المعرفة في مواضع مختلفة من البلاد، فإذا اطمئن إلى صحتها ومطابقتها لقواعد العلم أمكن الاعتماد والإفادة منها.
وقد يحصل العلم أو الاطمئنان من أخبار أهل الخبرة وملاحظاتهم ودقتهم في ذلك، وقد يحصل ذلك من أخبار فاسق أو كافر لأنه خبير دقيق في معرفته وفي قوله، ولا يحصل من قول عادل لأنه قليل المعرفة بذلك وربما غلب عليه حسن الظن فقلد.
[المسألة 63] يجب الاجتهاد في القبلة على الأعمى إذا كان قادرا على ذلك كما يجب على البصير، إن احتاج إلى الاستعانة بغيره في استيضاح نتيجة الأمارة أو في تعيين الاتجاه في الموضع.
[المسألة 64] لا اعتبار بقول صاحب المنزل ولا أقوال سائر الناس الآخرين، إلا إذا أوجب العلم بالقبلة أو الاطمئنان بها، وإذا أوجب قوله ظنا بالقبلة وأمكن للمكلف تحصيل العلم أو الاطمئنان أو الظن الأقوى وجب عليه ذلك.