الصورة الثانية: أن يشك الانسان في حكم ذلك الحيوان المعين هل هو محلل الأكل شرعا أو هو مما لا يقبل التذكية، فهو يعلم أن الحيوان محلل الأكل إذا كان مما يقبل التذكية شرعا، وهو محرم الأكل إذا كان مما لا يقبلها، وشكه في حل الحيوان وحرمته إنما كان من جهة شكه في أن الحيوان يقبل التذكية شرعا أو لا يقبلها والشبهة حكمية كذلك.
والظاهر أن الاطلاق المقامي في النصوص الشرعية التي وردت في التذكية والتي ذكرت لها الآثار وجعلت لها الأحكام يقتضي أن الشارع قد اعتمد في التذكية وشروطها على ما يعتمده أهل العرف في ذلك، ونتيجة لذلك فإن بين الشارع للتذكية سببا خاصا أو شرطا أخذ به، وإن لم يبين شيئا خاصا. كان ذلك دالا على أنه أمضى ما يعتمده أهل العرف في ذلك.
فإذا شك الانسان في حيوان أنه مما يقبل التذكية شرعا أو مما لا يقبلها، وكان الحيوان يقبل التذكية في نظر أهل العرف كان ذلك دالا على أنه يقبل التذكية شرعا، ونتيجة لذلك فالحيوان المعين المشكوك حكمه في هذه الصورة محلل الأكل، وبوله وخرؤه طاهران.
وإذا شك أهل العرف في أمر ذلك الحيوان، فلم يحكموا بأنه مما يقبل التذكية أو مما لا يقبلها، كان مقتضى أصالة عدم التذكية أنه محرم الأكل، والأقوى أن بوله وخرءه طاهران في هذه الصورة أيضا.
الصورة الثالثة: أن يشك الانسان في حكم الحيوان المعين هل هو محلل الأكل شرعا أو هو محرم الأكل، وهو يعلم أن الحيوان مما تقع عليه التذكية والشبهة موضوعية.
ومثال ذلك أن يتردد في حيوان خاص بين يديه لسبب من الأسباب التي توجب التردد هل هو من الغنم فيكون حلال اللحم، أو هو ثعلب فيكون محرما، والحيوان على أي حال يقبل التذكية شرعا، والأقوى كونه محلل الأكل كما في الصورة الأولى وأن بوله وخرءه طاهران.