على أخذ الخراج من أرض لأن ذلك أما من جهة ما قيل من كشف السيرة عن ثبوت ذلك من الصدر الأول من غير نكير إذ لو كان شيئا حادثا لنقل في كتب التواريخ لاعتناء أربابها بالمبتدعات والحوادث. وأما من جهة وجوب حمل تصرف المسلمين وهو أخذهم الخراج على الصحيح، ويرد على الأول مع أن عدم التعرض يحتمل كونه لأجل عدم اطلاعهم الذي لا يدل على العدم أن هذه الأمارات ليست بأولى من تنصيص أهل التواريخ الذي عرفت حاله، وعلى الثاني أنه إن أريد بفعل المسلم تصرف السلطان بأخذ الخراج فلا ريب أن أخذه حرام و إن علم كون الأرض خراجية فكونها كذلك لا يصحح فعله ودعوى أن أخذه الخراج من أرض الخراج أقل فسادا من أخده من غيرها توهم لأن مناط الحرمة في المقامين واحد، وهو أخذ مال الغير من غير استحقاق واشتغال ذمة المأخوذ منه بأجرة الأرض الخراجية وعدمه في غيرها لا يهون الفساد.
نعم بينهما فرق من حيث الحكم المتعلق بفعل غير السلطان وهو من يقع في يده شئ من الخراج بمعاوضة أو تبرع فيحل في الأرض الخراجية دون غيرها مع أنه لا دليل على وجوب حمل الفاسد على الأقل فسادا إذا لم يتعدد عنوان الفساد كما لو دار الأمر بين الزنا مكرها للمرأة وبين الزنا برضائها حيث إن الظلم محرم آخر غير الزنا بخلاف ما نحن فيه مع أن أصالة الصحة لا تثبت الموضوع وهو كون الأرض خراجية إلا أن يقال: إن المقصود ترتب آثار الأخذ الذي هو أقل فسادا وهو حل تناوله من الأخذ، وإن لم يثبت كون الأرض خراجية بحيث يترتب عليه الآثار الأخر مثل وجوب دفع أجرة الأرض إلى حاكم الشرع ليصرفه في المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر، ومثل حرمة التصرف فيه من دون دفع أجرة أصلا لا إلى الجائر ولا إلى حاكم الشرع وإن أريد بفعل المسلم تصرف المسلمين فيما يتناولونه من الجائر من خراج هذه الأرض. ففيه أنه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنهم لا يعلمون حال هذه الأراضي كما هو الغالب في محل الكلام إذ نعلم بفساد تصرفهم من جهة عدم إحراز الموضوع، ولو احتمل تقليدهم لمن يرى تلك الأرض خراجية لم ينفع ولو فرض احتمال علمهم بكونها خراجية كان اللازم من ذلك جواز التناول من أيديهم لا من يد السلطان كما لا يخفى.