بقي الكلام في المراد من حرمة
البيع والشراء {1} بعد فرض أن الكاتب للمصحف في الأوراق المملوكة مالك للأوراق، وما فيها من النقوش فإن النقوش إن لم تعد من الأعيان المملوكة عرفا بل من صفات المنقوش الذي تتفاوت قيمته بوجودها وعدمها فلا حاجة إلى
النهي عن
بيع الخط فإنه لا يقع بإزائه جزء من الثمن حتى يقع في حيز
البيع وإن عدت من الأعيان المملوكة عرفا، فإن فرض بقائها على ملك البائع بعد
بيع الورق والجلد فيلزم شركته مع المشتري وهو خلاف الاتفاق وإن انتقلت إلى المشتري فإن كان بجزء من العوض فهو
البيع المنهي عنه. لأن
بيع المصحف المركب من الخط وغيره ليس إلا جعل جزء من الثمن بإزاء الخط وإن انتقلت إليه قهرا تبعا لغيره لا لجزء من العوض نظير بعض ما يدخل في
المبيع فهو خلاف مقصود المتبايعين مع أن هذا كالتزام كون
المبيع هو الورق المقيد بوجود هذه النقوش فيه لا الورق والنقوش، فإن النقوش غير مملوكة بحكم الشارع مجرد تكليف صوري إذ لا أظن أن يعطل أحكام الملك فلا تجري على الخط المذكور إذا بنينا على أنه ملك عرفا قد نهى عن المعاوضة عليه، بل الظاهر أنه إذا لم يقصد بالشراء إلا الجلد والورق كان الخط باقيا علي ملك البائع فيكون شريكا بالنسبة. فالظاهر أنه لا مناص عن التزام التكليف الصوري أو يقال إن الخط لا يدخل في الملك شرعا، وإن دخل فيه عرفا فتأمل.
ولأجل ما ذكرنا التجأ بعض إلى الحكم بالكراهة وأولوية الاقتصار في المعاملة على ذكر الجلد والورق بترك إدخال الخط فيه احتراما، وقد تعارف إلى الآن تسمية ثمن
القرآن هدية.
____________________
المراد من حرمة بيع المصحف {1} قوله بقي الكلام في المراد من حرمة البيع والشراء.