____________________
لا يقال: إن هذا ينافي آية المنافقين (1) الذين شهدوا بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله حيث إنه تعالى سجل عليهم بأنهم كاذبون، مع أن ما أخبروا به كان مطابقا للواقع.
فإنه يرد بأن المخبر عنه لم يكن ثبوت الرسالة بل كان هو الشهادة به، وهي عبارة عن حضور المشهود به في الذهن، وحيث إنهم كانوا غير معتقدين بالرسالة، فقال الله تعالى في حقهم: (إنهم كاذبون) فإن قلت: بناء على ما اخترت في حقيقة الكذب لو شك المتكلم أن كلامه مطابق للواقع فيكون صدقا أو مخالف له، فيكون كذبا يتعين البناء على جواز التكلم به للشك في صدق موضوع الكذب، فتجري أصالة البراءة عن الحرمة.
أجبنا عنه: بأن هذا الأصل في نفسه وإن كان جاريا إلا أنه للعلم الاجمالي بحرمة هذا الاخبار أو الاخبار بنقيضه - إذ أحدهما كذب جزما - لا يجري هذا الأصل للمعارضة، فمقتضى العلم الاجمالي هو الاجتناب عن كلا الخبرين.
إذا عرفت ما ذكرناه فاعلم: أن التورية خارجة عن الكذب موضوعا، فإن حقيقة التورية، أن يلقي كلاما له ظهور في معنى، وهو يريد منه غير ذلك المعنى، ويكون المعنى المراد مطابقا للواقع دون المعنى الظاهر، كما إذا استأذن رجل بالباب وقال الخادم له: ما هو هاهنا، مشيرا إلى موضع خال في البيت.
فإنه يرد بأن المخبر عنه لم يكن ثبوت الرسالة بل كان هو الشهادة به، وهي عبارة عن حضور المشهود به في الذهن، وحيث إنهم كانوا غير معتقدين بالرسالة، فقال الله تعالى في حقهم: (إنهم كاذبون) فإن قلت: بناء على ما اخترت في حقيقة الكذب لو شك المتكلم أن كلامه مطابق للواقع فيكون صدقا أو مخالف له، فيكون كذبا يتعين البناء على جواز التكلم به للشك في صدق موضوع الكذب، فتجري أصالة البراءة عن الحرمة.
أجبنا عنه: بأن هذا الأصل في نفسه وإن كان جاريا إلا أنه للعلم الاجمالي بحرمة هذا الاخبار أو الاخبار بنقيضه - إذ أحدهما كذب جزما - لا يجري هذا الأصل للمعارضة، فمقتضى العلم الاجمالي هو الاجتناب عن كلا الخبرين.
إذا عرفت ما ذكرناه فاعلم: أن التورية خارجة عن الكذب موضوعا، فإن حقيقة التورية، أن يلقي كلاما له ظهور في معنى، وهو يريد منه غير ذلك المعنى، ويكون المعنى المراد مطابقا للواقع دون المعنى الظاهر، كما إذا استأذن رجل بالباب وقال الخادم له: ما هو هاهنا، مشيرا إلى موضع خال في البيت.