...
عدم منافاة التعبدية لأخذ الأجرة وكيف كان: فقد عرفت أن البحث هنا يقع في مقامات:
المقام الأول: في أن التعبدية هل تنافي أخذ الأجرة أم لا؟ وحيث أن المانع المتنازع فيه هي التعبدية فلا فرق في هذا المقام بين الواجب والمستحب.
وقد استدل: لعدم جواز أخذ الأجرة على التعبديات بوجوه:
الأول: أنه يعتبر في صحة العبادات أن يؤتى بها بقصد القربة، وأخذ الأجرة عليها ينافي القربة والاخلاص، إذ قصد ذلك يوجب انقلاب داعي الاخلاص في العبادة المستأجر عليها إلى داعي أخذ الأجرة، فيكون عقد الإجارة رافعا للتمكن من العمل المستأجر عليه، ويوجب ذلك بطلان الإجارة لا محالة، إذ التمكن منه شرط في صحة الإجارة وما يلزم من صحته فساده باطل.
وبعد اصلاح ذلك بأن المراد من شريك العلة وما ادعى كونه في عرض قصد القربة ليس هو قصد تملك الأجرة لأنه إنما يكون بنفس الايجار لا بالعمل الخارجي.
ولا تسلم الأجرة خارجا، لأنه يمكن للأجير تسلمها قبل العمل أو بعد العمل الخالي عن قصد القربة، أو اخباره كذبا بالعمل.
بل المراد استحقاق مطالبة الأجرة.
يرد عليه - مضافا إلى منع اقتضاء عقد الإجارة انقلاب الداعي دائما، إذ يمكن أن يلاحظ العامل في إتيان العمل استحقاق ذلك ويأتي به خالصا لوجه الله تعالى وإن علم بترتب ذلك عليه فيكون ذلك عنده من المقارنات -.
إن العامل لما علم أنه لا يستحق مطالبة الأجرة شرعا إلا بإتيان العمل المستأجر عليه المتوقف على قصد القربة، لا محالة يقصد ذلك ويكون استحقاق المطالبة من قبيل