وأما باقي ما ذكرناه في وجه التصدق من أنه احسان وأنه أقرب طرق الايصال وأن الإذن فيه حاصل بشهادة الحال فلا يصلح شئ منها للتأييد فضلا عن الاستدلال لمنع
جواز كل احسان في مال الغائب، ومنع كونه أقرب طرق الايصال بل الأقرب دفعه إلى الحاكم الذي هو ولي الغائب، وأما
شهادة الحال فغير مطردة إذ بعض الناس لا يرضى بالتصدق لعدم يأسه عن وصوله إليه، خصوصا إذا كان المالك مخالفا أو ذميا يرضى بالتلف ولا يرضى بالتصدق على الشيعة فمقتضى القاعدة لولا ما تقدم من النص هو لزوم الدفع إلى الحاكم، ثم الحاكم يتبع
شهادة حال المالك فإن شهدت برضاه بالصدقة أو بالامساك عمل عليهما وإلا يخير بينهما لأن كلا منهما تصرف لم يؤذن فيه من المالك، ولا بد من أحدهما ولا ضمان فيهما. و يحتمل قويا تعين الامساك لأن الشك في
جواز التصدق يوجب بطلانه لأصالة الفساد. وأما بملاحظة ورود النص بالتصدق فالظاهر عدم
جواز الامساك أمانة لأنه تصرف لم يؤذن فيه من المالك ولا الشارع، ويبقى الدفع إلى الحاكم والتصدق، وقد يقال إن مقتضى الجمع بينه وبين دليل ولاية الحاكم هو التخيير بين
الصدقة والدفع إلى الحاكم فلكل منهما الولاية ويشكل بظهور النص في تعيين التصدق، نعم
يجوز الدفع إليه من حيث ولايته على مستحقي
الصدقة وكونه أعرف بمواقعها، ويمكن أن يقال إن أخبار التصدق واردة في مقام إذن الإمام بالصدقة، أو محمولة على بيان المصرف، فإنك إذا تأملت كثيرا من التصرفات الموقوفة على إذن الحاكم وجدتها واردة في النصوص على طريق الحكم العام كإقامة البينة والاحلاف والمقاصة.
____________________
ولايته على الغائب من غير هذه الجهة، وعليه فلا بد من الاقتصار على المتيقن وهو ما إذا لم يكن له ولي آخر، وحيث إن مقتضى النصوص المتقدمة ثبوت الولاية للآخذ فلا يبقى مورد لولاية الحاكم.
وأما الثاني: فلأنه مضافا إلى عدم ولايته على المستحقين بعد كونهم ممن يمكن الوصول إليه: إن مقتضى اطلاق نصوص الباب عدم ثبوت الولاية له.