نعم لو خاف على بعض المؤمنين جاز له قبول الولاية المحرمة بل غيرها من المحرمات الإلهية التي أعظمها التبري من أئمة الدين لقيام الدليل على وجوب مراعاة المؤمنين وعدم تعريضهم للضرر مثل ما في الإحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ولأن تبرأ منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها الذي هو قوامها وما لها الذي به نظامها وجاهها الذي به تمسكها وتصون من عرف بذلك من أوليائنا وإخوانك فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عملك في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين، و إياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك معرض بنعمتك ونعمتهم للزوال مدل لهم في أيدي أعداء دين الله، وقد أمرك باعزازهم فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر بنا الحديث.
لكن لا يخفى أنه لا يباح بهذا النحو من التقية الاضرار بالغير لعدم شمول أدلة الاكراه لهذا لما عرفت من عدم تحققه مع عدم لحوق ضرر بالمكره ولا بمن يتعلق به وعدم جريان أدلة نفي الحرج إذ لا حرج على المأمور لأن المفروض تساوي من أمر بالاضرار به ومن يتضرر بترك هذا الأمر من حيث النسبة إلى المأمور مثلا لو أمر الشخص بنهب مال مؤمن ولا يترتب على مخالفة المأمور به إلا نهب مال مؤمن آخر فلا حرج حينئذ في تحريم نهب مال الأول بل تسويغه لدفع النهب عن الثاني قبيح بملاحظة ما علم من الرواية المتقدمة من الغرض في التقية خصوصا مع كون المال المنهوب للأول أعظم بمراتب. فإنه يشبه بمن فر من المطر إلى الميزاب بل اللازم في هذا المقام عدم جواز الاضرار بمؤمن، ولو لدفع الضرر الأعظم من غيره، نعم إلا لدفع ضرر النفس في وجه مع ضمان ذلك الضرر وبما ذكرنا ظهر أن اطلاق جماعة لتسويغ ما عدا الدم من المحرمات بترتب ضرر مخالفة المكره عليه على نفس المكره وعلى أهله أو على الأجانب من المؤمنين، لا يخلو من بحث إلا أن يريدوا الخوف على خصوص نفس بعض المؤمنين فلا اشكال في تسويغه لما عدا الدم من المحرمات إذ لا تعادل نفس المؤمن شئ، فتأمل.