كل فرد فرد. فلا محالة يجب أن يكون المتصدي لامتثاله قيم المجتمع ومن يتمثل ويتبلور فيه المجتمع إما بجعل الله - تعالى - أو بانتخاب نفس الأمة.
هذا مضافا إلى أن تنفيذ كل واحد من هذه التكاليف يستدعي تشخيص الموضوع وإحرازه، والأنظار في هذه الموارد تختلف كثيرا، وأكثر الناس لا يخلون من الأهواء وكثيرا ما يستعقب تصدي كل فرد لها التنازع والخصام والهرج والمرج، فلأجل ذلك منع الشارع من تصدي الأفراد لها بل جعلها وظيفة لممثل المجتمع، قطعا لمادة النزاع والفساد.
وأنت ترى أن العقلاء ربما يحيلون الأمور التي لا يتفق فيها الآراء ويتنافس فيها الأهواء إلى شخص معتمد متفق عليه ويظهرون التسليم له في كل ما حكم به، فيرتفع بذلك النزاع والتشاجر. فهذا أمر استقرت عليه سيرتهم.
وبالجملة، الشارع الحكيم وضع هذه التكاليف على عاتق المجتمع رعاية لمصالحه، فيجب أن يتصدى لها ممثل المجتمع ومن صار قيما له، إما بجعل الله - تعالى -، أو بانتخاب المجتمع. فلا يجوز تصدي الأفراد لها لعدم كون التكليف متوجها إلى الأفراد ولاستلزامه التنازع والفساد، فارتفع الإشكال من أصله وأساسه.