العدالة. والثاني: العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة. والثالث: أن يكون من أهل الرأي والتدبير الموديين إلى اختيار من هو للإمامة أصلح. وليس لمن كان في بلد مزية على غيره من أهل البلاد يتقدم بها. وإنما صار من يختص ببلد الإمام متوليا لعقد الإمامة، لسبق علمه بموته، ولأن من يصلح للخلافة في الغالب موجودون في بلده. " (1) أقول: حيث إن الإمام المنتخب يشترط فيه الفقاهة والعدالة والسياسة ونحوها كما مر، وحيث إن المترقب منه هو تنفيذ قوانين الإسلام وأحكامه وإدارة شؤون المسلمين على أساس مقرراته العادلة لا كيف ما شاء وأراد، فلا محالة قد يقرب في الذهن اشتراط كون الناخب عادلا ملتزما مطلعا على أحوال الرجال وأوصافهم.
وإلا فلو كان الأكثر غير مبالين بمقررات الإسلام أو كانوا من البسطاء والجهال فلربما باعوا آراءهم وأصواتهم بمتاع الدنيا وشؤونها، أو اغتروا بالدعايات الكاذبة، أو تأثروا بالتهديدات، وأنتج ذلك كله انتقال الملك والقدرة إلى أهل الجور والفساد كما نشاهده في أكثر البلاد.
وقد مر في المسألة الثامنة الروايات من نهج البلاغة وغيره، الدالة على كون الشورى والبيعة والرأي للمهاجرين والأنصار، أو لأهل المدينة، أو للبدريين، أو لأهل الحجى والفضل، فراجع.
وهذا كله يدل على ما ذكرناه; فان المهاجرين والأنصار كانوا من أهل الخبرة و من أهل الحل والعقد. وأهل المدينة المنورة والبدريون كانوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع المواقف والمراحل، فكانوا مطلعين على سننه وأهدافه وإلا فليس لمدينة يثرب بما هي هي خصوصية بلا اشكال. هذا.
وفي أعصارنا يمكن حل المشكلة بأن يحال إلى هيئة المحافظة على الدستور - و هم فقهاء عدول من أهل الخبرة - تعيين الواجدين للشروط من المرشحين واعلامهم