أقول: قد مر في مسألة اعتبار الذكورة أن الإجماع إنما يفيد في المسائل الأصلية المأثورة المذكورة في الكتب المعدة لنقل هذا السنخ من المسائل، وليست المسألة كذلك لعدم ذكرها في مثل كتب الصدوقين والمقنعة والنهاية ونحوها. نعم التمسك بالفحوى صحيح.
وكيف كان فالقائل بعدم الاشتراط يمكن أن يتمسك بالعمومات والإطلاقات الأولية على فرض ثبوتها، وبسيرة العقلاء، إذ الملاك عندهم هو القوة وحسن الولاية فقط، وبإمارة زياد من قبل أمير المؤمنين (عليه السلام) في فارس مع ما ورد من إلحاق معاوية إياه بأبي سفيان.
ويمكن أن يجاب عن الأول بالتخصيص بما يأتي على فرض ثبوته. وعن الثاني بعدم ثبوت استمرارها إلى عصر المعصومين (عليهم السلام) مضافا إلى ردعها بما سنذكره من الأخبار. وعن الثالث أولا بعدم كونه واليا من قبل أمير المؤمنين (عليه السلام) بل من قبل واليه.
وثانيا بأنه ولد في فراش عبيد، والولد للفراش. فإلحاقه بأبي سفيان كان على خلاف الموازين الشرعية وكتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى زياد في ذلك: " وقد كان من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطاب فلتة من حديث النفس ونزغة من نزغات الشيطان لا يثبت بها نسب ولا يستحق بها إرث. " (1) هذا.
ويدل على الاشتراط في الوالي والقاضي والمفتي مضافا إلى الأصل أمور:
الأول: فحوى ما دل على اشتراطه في الشاهد:
ففي الخلاف: (المسألة 57 من الشهادات):
" شهادة ولد الزنا لاتقبل وان كان عدلا... دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم.
وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " ولد الزنا شر الثلاثة. " (2)