الصفا والمروة، ولا استلام الحجر، ولا حلق، ولا تولى القضاء، ولا تستشار... " (1) قوله: " ولا تولى القضاء "، يحتمل فيه المصدرية والفعل. فعلى الأول يكون معطوفا على ما قبله، فلا يدل إلا على نفي الوجوب والاستحباب المؤكد، فلا ينافي الصحة إذا تصدت. وان كان فعلا فظاهره الوضع، كما مر. ولعله أصح بقرينة ما بعده، وما مر في رواية جابر. إذ الظاهر كونهما رواية واحدة، فتدبر.
الرابعة: ما في نهج البلاغة: " يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل، ولا يظرف فيه إلا الفاجر، ولا يضعف فيه إلا المنصف. يعدون الصدقة فيه غرما، وصلة الرحم منا، و العبادة استطالة على الناس. فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء، وإمارة الصبيان و تدبير الخصيان. " (2) أقول: " الماحل " الساعي بالوشاية. و " لا يظرف "، أي لا يعد ظريفا. و " لا يضعف "، أي لا يعد ضعيفا، أو لا يجعل ضعيفا. و " الاستطالة ": التفوق. والمراد بإمارة الصبيان إمارة من يقل سنه، فلم يحصل له التجربة والكفاية، أو إمارة من يكون عقله عقل الصبيان وإن كبر في السن. وإذا كانت السلطنة بمشورة النساء مذمومة فتفويضها إليهن بالكلية أولى بالذم، كما لا يخفى.
الخامسة: ما في سنن الترمذي بسنده عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إذا كانت أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها. وإذا كانت أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها. " (3) ورواه في تحف العقول أيضا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (4).