هذا وقد عقد الصدوق في العيون بابا في شأن زيد بن علي، وذكر فيه أخبارا.
منها: ما رواه بسنده عن ابن أبي عبدون، عن أبيه، قال: " لما حمل زيد بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) إلى المأمون - وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العباس - وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) وقال له: يا أبا الحسن، لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج قبله زيد بن علي فقتل، ولولا مكانك مني لقتلته، فليس ما أتاه بصغير. فقال الرضا (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، لا تقس أخي زيدا إلى زيد بن علي (عليه السلام) فإنه كان من علماء آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) غضب لله - عز وجل - فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله. ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) انه سمع أباه جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: رحم الله عمي زيدا انه دعا إلى الرضا من آل محمد. ولو ظفر لوفى بما دعا اليه. ولقد استشارني في خروجه فقلت له: يا عم، ان رضيت ان تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك. فلما ولى قال جعفر بن محمد (عليه السلام): ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه. فقال المأمون: يا أبا الحسن، أليس قد جاء فيمن ادعى الإمامة بغير حقها ما جاء؟ فقال الرضا (عليه السلام): إن زيد بن علي (عليه السلام) لم يدع ما ليس له بحق وإنه كان أتقى لله من ذاك. إنه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد. وإنما جاء ما جاء فيمن يدعي أن الله نص عليه ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم. وكان زيد والله ممن خوطب بهذه الآية: وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم. " (1) وقد ذكر الرواية مقطعة في هذا الباب من الوسائل أيضا (2) وتدل هذه الرواية أيضا على قداسة زيد وإمضاء خروجه، وأنه لم يدع ما ليس له، وأن قيامه كان جهادا في سبيل الله وأن إجابته كانت واجبة لمن سمع واعيته، وأن الذي لا يجوز إجابته هو من ادعى النص على نفسه كذبا فضل وأضل كالمدعين للمهدوية، وأن الاطلاع على الشهادة إجمالا بطريق غيبي لا يصير مانعا عن العمل بالوظيفة.
وقال الصدوق في العيون بعد نقل هذه الرواية: