ولا تقولوا: خرج زيد، فان زيدا كان عالما وكان صدوقا، ولم يدعكم إلى نفسه وانما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). ولو ظفر لوفى بما دعاكم إليه. إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه.
فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم؟ إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فنحن نشهدكم انا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر ألا يسمع منا، إلا من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه. إذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله، وان أحببتم ان تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وان أحببتم ان تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم. وكفاكم بالسفياني علامة. " (1) أقول: الصحيحة لا تدل على عدم وجوب الدفاع وعدم جواز الخروج، بل تدل على ان الداعي إلى الخروج قد تكون دعوته باطلة، بأن يدعو إلى نفسه مثلا مع عدم استحقاقه لما يدعيه كمن يدعى المهدوية مثلا كذبا. وقد تكون دعوته حقه، كدعوة زيد بن علي بن الحسين مثلا، حيث دعا الناس لنقض السلطنة الجائرة وتسليم الحق إلى أهله، أعني المرضى من آل محمد، يعني الإمام الصادق (عليه السلام) فيجب على الأشخاص المدعوين أن ينظروا لأنفسهم ويعملوا الدقة في ذلك ولا يتأثروا بالأحاسيس والعواطف الآنية.
فان الإنسان إذا كان بحسب فطرته بحيث يعمل الدقة في احراز ما هو صلاح لغنمه فهو بإعمال الدقة لنفسه أحق وأولى. وهذا حكم عقلي فطري، إذ على الإنسان أن يحكم العقل في الأمور المهمة ولا يقع تحت تأثير الإحساس الآني.
وجعل المجلسي " ره " في المرآة قوله: " إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه " بيانا لعلة عدم ظفر زيد، قال في شرح العبارة: " أي فلذلك لم يظفر. " (2) وكيف كان فالصحيحة تمضي قيام زيد وتدل على جواز القيام للدفاع عن الحق.