جمعا بين أدلة الطرفين سيما بعد ظهور أخبار التضييق في صورة الرجاء كما عرفت، وبعد ما سمعت من البعد فيه مع عدم الرجاء، كالبعد في التوسعة مع الرجاء، سيما لو كان ظنا، بل لعل السيرة على خلافه، إذ هو مكلف بالمائية، ولذا وجب عليه الطلب وغيره، ولا ينتقل عنها إلا بالعجز، وليس إلا بالضيق، بل لعله المنساق إلى الذهن مما كان كذلك من التكاليف، بل يعد العبد عاصيا عرفا لو فعل قبل ذلك. ومنه ينقدح جريان ذلك فيه على القاعدة، فيجري حينئذ في غير محل البحث من ذوي الأعذار، ومنه الانتقال إلى مراتب التيمم، فلا يتيمم بالغبار إلا أن يضيق الوقت أو ييأس منه، وكذا الوحل، مضافا إلى إمكان المناقشة في جميع ما دل على التوسعة بالنسبة إلى صورة الرجاء بما لا يخفى.
(وصفحة 196) " فما في المعتبر أن الجواب الحق العمل بالخبرين، فيكون مخيرا بين مسح الوجه أو بعضه، لكن لا يقتصر على أقل من الجبهة، وقد أومأ إليه ابن أبي عقيل ضعيف جدا إن أراد وجوب كل من الفردين على التخيير، وأنه ليس من التخيير بين الأقل والأكثر، لاختلاف الهيئة وعدم لزوم سبق مسح تمام الجبهة على غيرها من الوجه، كالجمع بحمل الزائد على الندب وإن تسومح فيه، فتأمل. إنما البحث في تعيين ذلك البعض، فمنه الجبهة من القصاص أي الطرف الأعلى من الأنف إجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا بل متواترا، كدعوى الحسن تواتر الأخبار بأنه صلى الله عليه وآله حين علم عمارا مسح بهما جبهته وكفيه، وإن كنا لم نعثر إلا على موثق زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " سأله عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح جبهته.
(وصفحة 198) " استدلال بعضهم بأخبار الجبين على الجبهة وعدهم أبا جعفر بن بابويه وابن الجنيد من القائلين بمسح الجبهة، وقد عرفت نص هؤلاء على الجبين، بل وابن أبي عقيل أيضا، فإنه قد حكى عنه في المختلف بعد دعوى التواتر السابق في الجبهة ما يشعر بإرادة الجبين منه، حيث أسنده إلى فعل النبي صلى الله عليه وآله فهذا مع ما سبق