الكافر مسالك الأفهام (مجلد 2 صفحة 195) " قوله (أو مباشرة الكفار وإن كانوا أهل ذمة) الأصح نجاسة الكافر مطلقا، حربيا كانوا أم أهل ذمة، هو المشهور بين الأصحاب، بل ادعى عليه جماعة، منهم المرتضى، وابن إدريس، الاجماع، وحجتهم مع ذلك، قوله تعالى " إنما المشركون نجس " واليهود والنصارى والمجوسي مشركون أيضا، أما المجوس فظاهر، لقولهم بإلهين اثنين النور والظلمة، وأما اليهود والنصارى فلقولهم إن العزير والمسيح ابنا الله، وقد قال تعالى عقيب حكايته عنهم " تعالى عما يشركون " وحمل الآية على أنهم ذووا نجس من حيث اعتقادهم الفاسد أو من حيث أنهم لا يجتنبون النجاسات من البول والغائط والخمر والخنزير خلاف الظاهر، لأن الأصل عدم الاضمار، وورود الروايات بنجاستهم عن أهل البيت عليهم السلام، وسيأتي ذكر بعضها. وفيه نظر لأن النجس كما يطلق على النجاسة المعروفة شرعا، يطلق على المستقذر، قال الهروي في تفسير الآية: يقال لكل مستقذر نجس، فإذا ذكرت الرجس قلت رجس نجس بكسر النون وسكون الجيم، والمستقذر أعم من النجس بهذا المعنى، ففي الحديث " اتقوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها "، وأراد بها فعل القبيح مطلقا، وتطلق على الدنيا مطلقا، وعلى اللفظ السئ، والقاذورة من الرجال الذي لا يبالي ما قال، ومواضع القاذورة التي يتقذر الشئ فلا يأكله. ولما رجم ماعز بن مالك قال صلى الله عليه وآله " اجتنبوا هذه القاذورة " يعني الزنا، ذكر خلاصة ذلك في الغريبين. والمقصود أن النجس يطلق في القرآن وغيره على المتنازع وغيره، كما أن الرجس يطلق على غير النجس، كما قال تعالى " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان " مع أن غير الخمر من هذه المعدودات غير نجس، والنجس يؤكد به الرجس، وهذا وإن كان خلاف الظاهر إلا أن القائل بطهارتهم للروايات الآتية يحمل الآية على ذلك، مراعاة للجمع. والمقصود أن هذه
(١٠٧)