وإذا كان الزرع مما لا يحصد مرة واحدة بل هو مما يحصد مرة بعد أخرى مثل الكرفس والهندباء والنعناع وما أشبه ذلك من البقول وكان قد جز جزة أولى كانت العروق داخلة في بيع الأرض لأنها من حقوقها، وإن كانت لم تجز الجزة الأولى كانت هذه الجزة للبائع والباقي للمشتري، وإذا كانت الجزة الأولى للبائع وجب عليه جزها في وقت البيع وليس له تركها إلى أن يبلغ أوان الجزاز لأن ذلك يؤدى إلى اختلاط حق البائع بحق المشتري لأن الزيادة التي تحصل للمشتري تنبت مع أصوله التي ملكها بالبيع.
فإن باع أرضا قد غرس فيها غرسا أو بذر فيها بذرا لما يبقى أصوله حملا بعد حمل مثل نوى الشجر وبذر ألقت وما جرى مجرى ذلك مما يجز دفعة بعد أخرى كان ذلك داخلا في البيع لأنه من حقوقه.
فإن باع الأرض بيعا مطلقا وفيها بذر لما يحصد مرة واحدة مثل الحنطة والشعير لم يدخل ذلك في البيع، وإذا لم يدخل في البيع وكان المشتري عالما بهذا البذر كان البيع ماضيا عليه ولم يكن له خيار فيه لأنه قد رضي بضرره ووجب عليه تركه إلى وقت الحصاد، وإذا لم يكن عالما به كان مخيرا بين فسخ البيع وبين إمضائه بجميع الثمن لأن النقص الذي في الأرض بترك الزرع إلى أوان الحصاد ليس مما يتقسط الثمن عليه وإنما هو عيب محض فله الخيار فيما ذكرناه، وإن شرط البائع نقل ذلك في مدة يسيرة لم يكن للمشتري خيار في ذلك لزوال العيب بهذا النقل، وإن لم يبع الأرض بيعا صحيحا مطلقا وباعها مع البذر كان البيع صحيحا.
باب بيع الثمار:
بيع الثمرة على ضربين: إما أن يكون بيعا لسنة واحدة أو سنتين فصاعدا، فإن كان لسنة واحدة فهو على ثلاثة أضرب: إما أن يكون لما بدا صلاحه أو لما بدا صلاح بعضه أو لما لم يبد صلاح شئ منه جملة، فإن كان لما بدا بعضه أيضا كان البيع صحيحا وإن كان لما لم يبد صلاح شئ منه جملة، فإما أن يكون المبيع يضم مع الثمرة غيرها من