ثمرة فخرصاهما تمرا، فإن كانا عريتين صح بيعهما وإن لم يكونا عريتين لم يجز ذلك، ولا يجوز بيع الرطب في رؤوس النخل خرصا برطب على الأرض كيلا لأنه من المزابنة.
والتقابض قبل التفرق من شرط صحة البيع لأن ما فيه الربا لا يجوز التفرق فيه قبل التقابض، والقبض في التمر الموضوع على الأرض النقل وفي الرطب التخلية بين المشتري وبينه كما قدمناه، ومن شرطه أن يحضره التمر موضع النخل لأن المتبايعين إذا تعاقدا وخلى البائع بين الثمرة وبين المشتري جاز أن يمضيا إلى موضع التمر ويستوفى لأن التفرق إنما هو بالبدن وذلك لا يحصل إذا انتقلا جميعا من مجلس البيع إلى مكان آخر، وبالجملة:
فإن المراعي شرطان: أحدهما المماثلة من طريق الخرص والآخر التقابض قبل التفرق بالبدن، والعرية لا تكون إلا في النخل دون غيرها من الشجر.
ومن باع غيره صبرة من طعام بصبرة من جنسها وكانا قد اكتالا ذلك وعرفا تساويهما في المقدار كان البيع جائزا، وإن جهلا تساويهما ولم يشترطا التساوي لم يجز ذلك لأن ما يجري فيه الربا لا يجوز بيعه ببعض جزافا.
ولو قال: بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة كيلا بكيل سواء بسواء فقال المشتري:
اشتريت، فإنهما يكالان، فإن كانا متساويين كان البيع صحيحا وإن كان أحدهما أكثر من الآخر كان البيع فاسدا لأنه ربا، فإن كانت الصبرتان من جنسين مختلفين فإن لم يشترطا كيلا بكيل سواء بسواء كان البيع صحيحا لأن الجنسين المختلفين يجوز التفاضل فيهما فإن شرطا كيلا بكيل وخرجا متساويين في ذلك كان البيع جائزا، وإن خرجت الواحدة أكثر من الأخرى وتبرع صاحب الصبرة الزائدة بالزيادة كان جائزا وإن لم يتبرع صاحب الصبرة بذلك ورضي صاحب الصبرة الناقصة بأخذها بقدرها من الصبرة الزائدة كان البيع أيضا جائزا وإن لم يتبرع صاحب الزيادة بها ولا رضي المشتري بأخذ الأخرى وتمانعا في ذلك كان البيع مفسوخا ولم يكن فسخه لأجل الربا لكن لأن كل واحد منهما باع صبرته بجميع صبرة الآخر على أنهما متساويان في المقدار، فإذا تفاضلا وتمانعا كان فسخ البيع بينهما هو الواجب.