أن يبيع على الذي عليه أو على غيره من الناس وإن باع على غيره وأحال عليه بالمتاع كان ذلك جائزا وإن لم يقبض هو المتاع ويكون قبض المبتاع الثاني قبضا عنه وذلك فيما لا يكال ولا يوزن ويكره ذلك فيما يدخله الكيل والوزن، فإن وكل المبتاع منه بقبضه ويكون هو ضامنا لم يكن بذلك بأس على كل حال، ولا بأس أن يبتاع الانسان ما اكتاله غيره من الناس ويصدقه في قوله غير أنه إذا أراد بيعه لم يبعه إلا بعد الكيل، وكل ما يكال أو يوزن فلا يجوز بيعه جزافا وكذلك حكم ما يباع عددا فلا يجوز بيعه جزافا.
وإذا اشترى الانسان شيئا بالكيل أو الوزن وعيره فزاد أو نقص منه شئ يسير لا يكون مثله غلطا ولا تعديا لم يكن به بأس، فإن زاد ذلك أو نقص شيئا كثيرا ولا يكون مثله إلا غلطا أو تعمدا وجب عليه رده على صاحبه ما زاد وكان فيما نقص بالخيار إن شاء طالبه به وإن شاء تركه، ومن أسلف في متاع موصوف ثم أخذ دون ما وصف برضا منه كان ذلك جائزا، وكذلك إن أعطي فوق ما وصف برضا من الذي باعه لم يكن به بأس.
ولا بأس بالسلف في الصوف والشعر والوبر إذا ذكر الوزن فيه، فإن أسلف في الغنم وشرط معه أصواف نعجات بعينها كائنا ما كان لم يكن به بأس، ولا يجوز أن يسلف السمسم بالشيرج ولا الكتان بالبزر بل ينبغي أن يثمن كل واحد منهما على حياله، ولا بأس بالسلف في جنسين مختلفين كالحنطة والأرز والتمر والزبيب والمروي والحرير وما أشبه ذلك بعد أن يذكر المبيع ويميز بالوصف ويذكر الثمن والأجل على ما قدمناه.
باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
قد بينا أن ما يباع كيلا أو وزنا فلا يجوز بيعه جزافا فإن بيع كذلك كان البيع باطلا، فإن كان ما يباع وزنا يتعذر وزنه جاز أن يكال ثم يعير مكيال منه ويؤخذ الباقي على ذلك الحساب وكذلك ما يباع بالعدد لا يجوز بيعه جزافا، فإن تعذر عده وزن مكيال وعد وأخذ الباقي على حسابه، ولا يجوز أن يباع اللبن في الضروع فمن أراد بيع ذلك حلب من الغنم شيئا من اللبن واشتراه مع ما يبقى في ضرعه في الحال أو مدة من الزمان وإن جعل معه غرضا آخر كان أحوط، ولا بأس أن يعطي الانسان الغنم والبقر بالضريبة مدة من الزمان