باب البيع بالنقد والنسيئة:
والبيع إذا انعقد بأجل معلوم كان على شرطه في أجله وإن ذكر في ثمنه النقد أو في قبض المبيع التعجيل وجب فيه ما اشترط من ذلك ولم يجز خلافه، فإن لم يذكر فيه نقدا ولا نسيئة فهو نقد عاجل بغير تأخير، وإن باع انسان شيئا نسيئة بغير أجل محدود كان البيع باطلا.
ولا يجوز التأجيل بما لا يتحدد بوقت معين معلوم كقدوم الحجيج ورجوع الغزاة ودخول القوافل وخروج الثمار ودخول الغلات وما أشبه ذلك لأن هذا كله غير معروف بأجل محروس من الزيادة والنقصان، ولا يجوز البيع بأجلين على التخيير كقولهم هذا المتاع بدرهم نقدا وبدرهمين إلى شهر أو إلى سنة أو بدرهم إلى شهر وباثنين إلى شهرين، فإن ابتاع انسان شيئا على هذا الشرط كان عليه أقل الثمنين في آخر الأجلين.
وإذا باع الانسان شيئا بنسيئة إلى أجل معلوم فأحضر المبتاع المال قبل الأجل كان البائع بالخيار إن شاء قبضه وإن شاء لم يقبضه حتى يحل الأجل وكان المال في ذمة المبتاع وضمانه إلى حلول الأجل، وكذلك إن ابتاع شيئا إلى أجل وأحضره البائع قبل الأجل كان المبتاع بالخيار في قبضه والامتناع من ذلك إلى الأجل وكان في ذمة البائع وضمانه حتى يحل الأجل فيقبضه المبتاع، فإن امتنع المبتاع من قبوله في الأجل وقد مكنه البائع من قبضه فهلك كان من ماله دون البائع، وكذلك إن امتنع البائع من قبض ثمن ما باع وقد مكن منه في الأجل فهلك كان من ماله دون مال المبتاع.
ولا بيس ما استوجبه المبتاع قبل قبضه إياه ويكون قبض المبتاع الثاني نائبا عن قبض الأول، ويكره ذلك فيما يكال ويوزن وليس بمفسد للبيع ولا مانع من مضيه، وكل ما يصح بيعه قبل قبضه صحت الشركة فيه، ومن ابتاع من انسان متاعا غير حاضر إلى أجل ثم باعه منه قبل حلول الأجل بزيادة أو نقصان كان بيعه باطلا، فإن حل الأجل لم يكن بأس ببيعه إياه بأقل مما ابتاعه منه وأكثر سواء حضر المتاع أو لم يحضر.
ولا يجوز تأخير الأموال عن آجالها بزيادة فيها، ولا بأس بتعجيلها قبل الآجال بشرط النقصان منها، ولا بأس أن يبيع الانسان متاعا حاضرا إلى أجل ثم يبتاعه بعينه من المبتاع