وكان لموسى بن جعفر ع ضيعة فيها كروم وفواكه فأتاه آت وقت الإدراك ليشتريها فقال ع: إني أبيعها مشروطة أن تجعل من أربع جوانب الحائط مدخلا ليأكل كل من يمر عليها مقدار ما يشتهيه فإني لا يمكنني أن أبيع القدر الذي يأكله من يمر عليها، فاشترها على ما تريد بهذا الشرط واحفظه لئلا يحمل شيئا ويخرج.
وقد بين الله الحلال فقال: ونزلنا من السماء ماءا مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنحل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد، يعني بحب الحصيد حب البر و الشعير وكل ما يحصد لأن من شأنه أن يحصد أي خلقنا ما ذكرناه من حب النبت الحصيد والطلع النضيد رزقا لهم وغذاءا، وكل رزق فهو من الله إما بفعلنا أو فعل سببه، ولما كانت المكاسب وما يجري مجراها تنقسم إلى المباحات والمكروهات والمحظورات لم يكن بد من تميزها.
باب المكاسب المحظورة والمكروهة:
اعلم أن تقلد الأمر من قبل السلطان الجائر إذا تمكن معه من إيصال الحق إلى مستحقه جائز، يدل عليه بعد الاجماع المتردد والسنة الصحيحة قول الله تعالى حكاية عن يوسف ع: قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم، طلب ذلك إليه ليحفظه عمن لا يستحقه ويوصله إلى الوجوه التي يجب صرف الأموال إليها ولذلك رغب إلى الملك فيه لأن الأنبياء لا يجوز أن يرغبوا في جمع أموال الدنيا إلا لما قلناه، فقوله: حفيظ، أي حافظ للمال عمن لا يستحقه عليهم بالوجوه التي يجب صرفه إليها، ومتى علم الانسان أو غلب على ظنه أنه لا يتمكن من جميع ذلك فلا يجوز له التعرض له على حال.
وعن أبي بصير: سألت أبا عبد الله ع عن كسب المغنيات؟ قال: التي تدعي إلى العرائس ليس به بأس والتي يدخل عليها الرجال حرام، وهو قول الله تعالى:
ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله.
وعن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن ع عن الإجارة قال: صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته فقد آجر موسى ع نفسه واشترط، فقال: إن شئت ثمانيا