أحدهما: إمضاء البيع بالتفرق أو التخاير بعد العقد في قول شريح والسدي وابن سيرين، لقوله ع: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، أو يكون بيع خيار، وربما قالوا أو يقول أحدهما للآخر: اختر، وهو مذهبنا.
الثاني: إمضاء البيع بالعقد على قول مالك بن أنس وأبي حنيفة بعلة رده إلى عقد النكاح، ولا خلاف أنه لا خيار فيه بعد الافتراق. وقيل: معناه إذا تغابنوا فيه مع التراضي فإنه جائز.
ثم قال تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم، أي لا تهلكوها بترك التجارة وبارتكاب الآثام والعدوان في أكل الأموال بالباطل وغيره: ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا، الإشارة إلى أكل الأموال بالباطل.
وقوله تعالى: إلا أن تكون تجارة من رفع فالمعنى إلا أن يقع ومن نصب فمعناه إلا أن تكون الأموال تجارة أي أموال تجارة وحذف المضاف ويكون الاستثناء منقطعا، ويجوز أن يكون التقدير إلا تكون التجارة تجارة، والرفع أقوى لأنه أدل على الاستثناء، فإن التحريم لأكل المال بالباطل على الإطلاق.
باب آداب التجارة:
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون.
فندب تعالى إلى الانفاق من طيب الاكتساب ونهى عن طلب الخبيث للمعيشة به والإنفاق، فمن لم يتفقه لم يميز بين العقود الصحيحة والفاسدة ولم يعرف فرق ما بين الحلال والحرام من الكسب فلم يكن مجتنبا للخبيث من الأعمال، وينبغي للتاجر إذا عامله مؤمن أن لا يربح عليه إلا في حال الضرورة ويقنع بما لا بد له من اليسير مع الاضطرار أيضا.
قال تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، أمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يأخذ مع الناس بالعفو وهو التساهل فيما بينه وبينهم، وأن يترك الاستقصاء عليهم في ذلك، وهذا يكون في مطالبة الحقوق الواجبة لله تعالى وللناس وفي غيرها، وهو في